للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْلَمَ فِي الزَّبِيبِ الأَبْيَضِ فَجَاء بالأَسْوَد، فَفِي جَوَازِ القَبُولِ وَجْهَانِ إِذْ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ اعْتِبَاضاً.

قال الرَّافِعِيُّ: قوله: "والقرض" معطوف على "الأداء" على المسلم فيه، لأنه لم يقصر الكلام في القرض على أدائه، بل تكلم في فصول منها الأداء.

إذا عرفت ذلك، فاعلم أن الاعتياض عن المُسَلّم فيه قبل القبض غير جائز لما مَرّ في النَّظَر الثالث من "كتاب البيع"، فلا يجوز أن يستبدل عنه غير جنسه، وإن لم يختلف الجنسس، فإما أن لا يختلف.

الحالة الأولى: أن لا يختلف، فينظر إنْ أتى بالمسلم فيه على الصفة المشروطة وجب قبوله، وإن أتى به على صفة أجود مما شرط جاز قبوله، وفي الوجوب وجهان:

أحدهما: لا يجب لما فيه من المِنّة.

وأصحهما وهو المذكور في الكتاب: أنه يجب، لأن إتيانه به يشعر بأنه لا يجد سبيلاً إلى إبراء ذمته بغيره، وذلك يهون أمر المنة، وإن أتى به أردأ مِمَّا شرط جاز القبول ولم يجب.

الحالة الثانية: أن يختلف كما لو أسلم في التَّمر المَعْقليّ، فجاء بالبَرْنِيّ، أو في الزَّبيب الأبيض فجاء بالأسود، أو في الثوب الهرَوِيّ فجاء بالمَرْوِيّ، فلا يجب على المسَّلم قبوله لاختلاف الأغراض باختلاف الأنواع.

ومنهم من حكى وجهاً آخر: أنه تمسكاً بقول الشافعي -رضي الله عنه- وأصل ما يلزم السَّلَف قبوله ما سلف فيه أن يأتيه به من جنسه.

فإن قلنا بالأول فهل يجوز قبوله؟ فيه وجهان:

أظهرهما وبه قال الشيخ أبو حامد: لا؛ لأنه يشبه الاعتياض، كما لو اختلف الجنس.

والثاني: نعم، كما لو اختلفت الصِّفة، وذكروا خلافاً في أن التَّفَاوت بين التَّرْكِيّ والهِنْدِيّ من العبيد تفاوت جنس أو تفاوت نوع.

والصحيح: الثاني، وفي أن التفاوت بين الرطب أو التمر، وبين ما يسقى بماء السماء، وما يسقى بغيره تفاوت نوع أو صفة والأشبه الأول.

فرع: ما أسلم فيه كيلاً لا يجوز قبضه وزناً وبالعكس، وعند الكيل لا يزلزل المكيال ولا يوضع الكف على جوانبه.

آخر: إذا أسلم في الحِنْطة وجب تسليمها نقية من الزّوَان والمَدَر والتُّرَاب، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>