للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان فيها شيء قليل من ذلك، وقد أسلم كيلاً جاز، وإن أسلم وزناً لم يجز (١).

ويجب تسليم التمر جافَّاً (٢)، والرطب صحيح غير مشدَّخ (٣).

قال الغزالي: (أَمَّا الزَّمَانُ) فَلاَ يُطَالَبُ بِهِ قَبلَ المَحَلِّ وَلَكِنْ إِنْ جَاءَ بِهِ قَبْلَهُ وَلَه فِي التَّعْجِيلِ غَرَضٌ بِأَنْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ أَوْ ضَامِنٌ أَوْ كَانَ يَظْهَرُ (و) خَوْفُ الانْقِطَاع وَجَبَ القَبُولُ، كَمَا يَجِب قَبُولُ النُّجُومِ مِنَ المُكَاتَبِ قَبْلَ المَحَلِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ سِوَى البَرَاءَةِ نُظِرَ فَإنْ كَانَ لِلْمُمْتَنِعِ غرَضٌ بِأَنْ كَانَ فِي زَمَانِ نَهْبٍ أَوْ غَارَةٍ أَوْ كَانَتْ دَابَّةٌ يَحْذَرُ مِنْ عَلْفِهَا فلاَ يُجْبَرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الجَانبيْنِ غرَضٌ فَقَوْلاَنِ في الإِجْبَارِ.

قال الرَّافِعِيُّ: السلم إما مؤجل أو حال، فإن كان مؤجلاً فلا يخفى أنه لا يطالبه بالمُسَلّم فيه قبل المحل، وإلاَّ لبطل فائدة التأجيل، ولو أتى المُسَلَّم إليه به قبل المَحل، وامتنع المُسَلّم من قبوله، فترتيب صاحب الكتاب يُخالف ترتيب الجُمْهور، فنذكر ما ذكروه ثم نعود إلى ما أورده.

قال الجمهور: إنْ كان له في الامْتِنَاع غرض كما إذا كان وقت نهب، أو كان المُسَلم فيه حَيَوَاناً يحذر من علفه، أو ثمرة أو لحماً يريد أكله عند المحل طريّاً، أو كان مما يَحْتَاج إلى مكان مُؤنَة كالحِنْطَة والقُطْن الكثيرين، فلا يجبر على القبول لتضرره، وإنْ لم يكن به غرض في الامتناع، فإنْ كان للمؤدي غرض في التَّعجيل سوى براءة الذمة كما لو كان به رهن يريد فِكَاكه، أو ضامن يريد براءته يجبر على القبول، كالمُكَاتَب يعجل النُّجُوم ليعتق يجبر السيد على قبولها، وهل يلتحق بهذه الأعذار خوفه من انقطاع الجنس قبل الحلول ففيه وجهان:

المذكور منهما في الكتاب: أنه يلحق لما في التأخير من خطر انفساخ العقد، أو ثبوت حق الفسخ، وإن لم يكن للمؤدي غرض سوى البراءة ففيه قولان:

أحدهما: أنه لا يجبر المستحق على القبول؛ لأن التَّعْجيل كالتَّبرع بمزيد، فلا يكلف تقلّد المنة.


(١) قال النووي: هكذا أطلق جمهور الأصحاب، وقال صاحب "الحاوي": فيما إذا أسلم كيلاً، إلا أن يكون لإخراج التراب مؤنة، فلا يلزمه قبولها. قال في "البيان" دقاق التبن كالتراب. ينظر الروضة ٣/ ٢٧٠.
(٢) لو في أول جفافه لأنه قبل جفافه لا يسمى تمراً ولا يجزئ ما تناهى جفافه حتى لم يبق فيه نداوة لأن ذلك نقص كما ذكره ابن الرفعة والسبكي وغيرهما.
(٣) وهو البسر يعالج بالغمر ونحوه حتى يتشدخ أي يترطب، وهو يسمى بالمعمول في بلاد مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>