للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّعْفَرَان وإن كان يطلب للصَّبْغِ والتداوي أيضاً، والورس وهو فيما يقال أشْهَرُ طِيبٍ فِي بِلاَدِ اليَمَنِ. ومنها: ما يطلب للأكل والتداوي غالباً فلا تتعلق به الفدية كالقرنفل، والدَّار صيني، والسّنبل، وسائر الأبازير الطيبة، وكذا السفرجل، والتفاح، والبطيخ، والأترج والنَّارِنْج. قال الإمام: وفي النفس من الأترج والنارنج شيء فإن قصد الأكل والتَّدَاوي فيهما ليس بأغلب من قَصْدِ التطيب لكن ما وجدته في الطرق إلحاقهما بالفواكه، وقد يتجه معنى تزيين المجالس فيهما، -والله أعلم-.

ومنها: ما يتطَّيب به ولا يتخذ منه الطّيبِ كالنرجس والريحان الفَارِسي، وهو الضُّيمُران والمرزنجوشي (١) ونحوهما، ففيه قولان:

القديم: أنه لا تتعلق بها الفِدْيَة؛ لأن هذه الأشياء لا تَبقَى لَهَا رَائِحَةٌ إذا جَفَّتْ، وقد روي أن عثمان -رضي الله عنه-: "سُئْلَ عَنِ الْمَحْرِم، هَلْ يدخلُ البُسْتَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ ويشم الرْيحَانَ" (٢).

والجديد: التعلق لظهور قَصْدِ التطيب منها، كالوَرْدِ والزعفران، وهذا ما أورده في الكتاب.

وأما البنفسج فالمنقول عن نَصّه أنه ليس بِطِيبٍ، واختلف الأصْحَاب فيه، فَمِنْ ذَاهِبٍ إلى ظَاهِرِ النص، يزعم أن الغرض منه التَّدَاوي دون التطيب، ومن طارد فيه قولي الريحان يدعي أن المنقول عنه جواب على أحد القولين، ومن قاطع بأنه طِيب كالورد والياسمين وهذا أصح الطرق.

واختلف الصَّائِرُونَ إليه في تأويل النَّص، فقيل: أراد به البنفسج الجَاف، فإنه بعد الجَفَافِ لا يصلح إلا لِلتَّدَاوِي، وقيل: أراد به بنفسج الشَّام والعراق، فإنه لا يتطيب به، وقيل: أراد به المربى والسكر المستهلك فيه، وفي اللينوفر قولاً النرجس والريحان، ومنهم من قطع بأنه طيب.

ومنها: ما ينبت بنفسه ولا يستنبت كالشَّيح، والقيصوم، والشقائق، فلا تتعلق بها الفدية، لأنها لا تُعَدُّ طيباً ولو عدت طيباً لاستنبتت وتعهدت كالوَرْدِ.

وأنوار الأشجار المثمرة، كالتفاح والكمثري، وغيرها لا تتعلق بها الفدية أيضاً، وكذا العُصْفُر، وبه قال أحمد وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: تتعلق بها الفدية.


(١) المرزنجوش بميم مفتوحة ثم راء مهملة ثم زاي معجمة ثم نون ثم جيم. قيل: هو نبت له ورق يشبه الآس وقيل: الآس.
(٢) أخرجه الطبراني في الصغير، مجمع الزوائد (٣/ ٢٣٢) وانظر التلخيص (٢/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>