للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ذَكَرَ فِيمَا رُوِي عَنْهُ الْمُعَصْفَرُ جملة الثِّيَابِ الّتِي يَلْبُسُهَا الْمُحْرِمُ" (١). والحِنَّاء ليس بطيب، فإن أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كُنَّ يَخْتَضِبْنَ بهِ وَهُنَّ مُحْرِمَاتٌ" (٢). وقال أبو حنيفة: هو طيب.

واعرف: وراء ما ذكرناه شيئين غريبين.

أحدهما: نقل الحَنَّاطِي عن بعض الأصحاب وجهين: في الورد والياسمين والخيري (٣)، ولك أن تعلم قوله في الكتاب: (والورد) بالواو لذلك.

والثاني: ذكر الإمام عن بعض المصنفين أن من أصحابنا من يعتبر عادة كل ناحية فيما يتخذ طِيباً، قال: وهذا فاسد يشوش القَوَاعِد.

ثم في الفصل مسائل:

إحداها: الأدهان ضربان: دهن ليس بطيب كالزيت والشيرج، وسيأتي القول فيه في النوع الثَّالث، ودهن هو طيب، فمنه دهن الورد، وقد حكى الإمام وصاحب الكتاب فيه وجهين:

أحدهما: أنه لا تتعلق به الفدية؛ لأنه لا يقصد للتطيب.

وأصحهما: ولم يورد الأكثرون سِوَاه، أنه تَتَلق به الفدية، كما تتعلق بالورد نفسه، ومنه دِهْنُ البَنَفْسِج، والوجه ترتيبه على البَنَفْسِجِ، إن لم تتعلق الفدية بنفس البنفسج فبدهنه أَوْلَى، وإن علقَناها بنفس البنفسج، ففي دِهنه الخِلاَف المَذْكُور في دهن الوَرْدِ، ويجوز إعلام قوله في الكتاب: (وجهان) بالواو.

وأما: في دهن الوَرْدِ، فلأن الإمام -رحمه الله- نقل عن شيخه طريقة قاطعة بأنه طِيب. ورد التردد إلى دهن البنفسج.

وأما في دهن البنفسج فلأنا قدمنا طريقة قاطعةً في البَنَفْسِجِ بأنه ليس بطيب، وهي عائدة في الدّهن بطريق الأولى، ثم لم يختلفوا في أن ما طرح فيه الورد والبنفسج دهن الورد والبنفسج، فأما إذا طرحا على السمسم حتى أخذ رائحة ثم استخرج من الدهن، فجواب المعظم أنه لا تتعلق به الفدية، لأنه رِيحُ مُجَاوَرَةٍ.


(١) تقدم.
(٢) أخرجه الطبري في الكبير (١١٨٦) وانظر التلخيص (٢/ ٢٨١ - ٢٨٢).
(٣) الخيري هو بخاء معجمة مكسورة ثم ياء ساكنة بنقطتين من تحت ثم راء مهملة مشددة نبت طيب الريح مأخوذ من الخير وهو الكرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>