للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ: أنه أشرف وألطف مما يغلي فيه الورد والبنفسج، لتشرب السمسم ما بينهما وهي الطيبة المقصودة منهما.

ومنه: دهن ألبان، نقل الإمام عن نص الشافعي -رضي الله عنه- أنه ليس بطيب، وكذا البان نفسه، وهذا ما أورده المصنف، وأطلق الأكثرون القَوْلَ، بأن كل واحد منهما طِيب، ويشبه أن لا يكون هذا خلافاً محققاً، بل الكلامان محمولان على توسط، حكاه صاحب "المهذب" و"التهذيب" وهو أن دهن البان المنشوش وهو المغلي في الطيب طِيبٌ، وغير المنشوش ليس بطيب (١).

الثانية: لو أكل طعاماً فيه زعفران أو طيبٌ آخر، واستعمل مخلوطاً بالطْيب لا بجهة الأكل، نظر إن استهلك الطيب فيه، فلم يبق له ريحٌ ولا طعم ولا لون لم تجب الفدية، وإن ظهرت هذه الأوصاف فيه وجبت الفِدْية، وإن بقيت الرَّائِحَةُ وحدها فكذلك، لأنها الغرض الأعظم من الطِّيبِ، وإن بقي اللون وحده فطريقان:

أظهرهما: وبه قال ابْنُ سُرَيْجٍ، وابْنُ سَلَمَةَ أن المسألة على قولين:

أحدهما -وهو ظاهر ما نَقَلَهُ المزني-: أن الفدية تجب؛ لبقاء بعض الأوصاف كما لو بقي الرِّيح.

وأصحهما: عند المعظم أنها لا تَجِب؛ لأن اللَّوْنَ ليس بالمقصود الأصلي منه، بل هو زينة، وأيضاً فإن مجرد اللون لو اقتضى الفِدْيَة لوجبت الفدية في المعصفر.

والطريق الثاني -وبه قال أبو إسْحَاق-: القطع بالقَوْلِ الثَّانِي، والصائرون إليه انقسموا إلى مغلط للمزني، وإلى حامل لما نقله على ما إذا بقي الريح مع اللون.

ولو بقي الطعم وحده فطريقان:

أظهرهما -وبه قال القَفَّالُ-: أنه كالريح.

والثاني -وبه قال الشيخ أَبُو مُحَمَّد-: أنه كاللون فيجيء فيه الطريقان.

ولو أكل الخلنجين، فينظر في استهلاك الورد فيه وعدمه، ويخرج على هذا التَّفْصِيل. فإن قلت: قد عرفت ما حكيته، لكني إذا نظرت في حكم المصنف بلزوم الفدية في تناول الخبيص المزعفر سبق إلى فهمي أنه اكتفى ببقاء اللون المجرد للزوم الفدية على خلاف ما ذكرت أنه الأصَح، فهل هو كذلك أم لا؟


(١) قال النووي: وفي كون دهن الأترج طيباً وجهان حكاهما الماوردي والروياني وقطع الدارمي: بأنه طيب. ينظر الروضة (٢/ ٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>