للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

........................


= الدليل عليه: والدليل على ذلك الكتاب. والسنة. والإجماع أما الكتاب فقول الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧٥) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} إليك تفسيرها بإيجاز مع بيان وجه الدلالة. معنى قوله تعالى: {يَأْكُلُونَ الرِّبَا} أي يتعاملون به فالمراد بالأكل الأخذ وإنما عبر به لأن الأكل أظهر مقاصده فيكون المعنى الدين يُربون "والتخبط" الضرب على غير استواء و"المس" الجنون "والمحق" الاستئصال والهلاك وقيل المراد به ذهاب البركة. ووجه الدلالة واضح مما يأتي:
أولاً: صريح قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} فَإنَّهُ إخبار منه تعالى بأن الربا محرم عنده فإذا كان هذا الخبر مراداً به النهي عنه كان أبلغ في الدلالة على التحريم من صريح النهي.
ثانياً: ما اقترن به هذا من الوعيد الشديد فقد ذكرت الآيات عقوبات خمساً لآكل الربا هي:
١ - التخبط عند قيامهم في الدنيا أو في الآخرة كالذي يتخبطه الشيطان من المس. أما في الدنيا فيظهر ذلك في سيرهم المختل فيسلكون سبيل المجانين بسبب ما عندهم من الشره بجمع المال فلا يكاد يشك من يراهم في أنّ عندهم خبلاً فبهذا قال بعض المفسرين. وأما في الآخرة فقد قيل تنتفخ بطنه يوم القيامة بحيث لا تحمله قدماه وكلما رام النهوض سقط فيكون بمنزلة الذي أصابه مس من الشطان فيصير كالمصروع.
٢ - الخلود في النار وذلك لا يكون إلا عن كبيرة من الكبائر تقرب من الكفر حتى كأنها الكفر بذاته وفي ذلك من التهويل ما لا يخفى.
٣ - المحق قال الله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} والمراد به الهلاك والاستئصال أو ذهاب البركة والاستمتاع كما تقدم حتى لا ينتفع به هو وولده من بعده بحيث لو فرض أنه أنفقه في أوجه الخير كان مردوداً عليه فلا يعود عليه بثواب ولا لذة وعلى الجملة فالربا وإن أكثر فإلي قُلَّ يصير.
٤ - الكفر. يشير إلى ذلك قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وقوله: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} فَإِن فيهما إشارة إلى أن المصر عليه عرضة لأن يطبع على قلبه حتى يسلب الإيمان رأس النعم ومصدر الخير.
٥ - الحرب. قال تعالى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} وفي هذا إعلام بأن جريمة الربا من أعظم الجرائم التي تستوجب محَاربة الله ورسوله. فعن ابن عباس: "يقَالُ يَوْمَ القِيَامَةَ لِلْمُرَابِي خُذْ سِلاَحَكَ لِلْحَرْب" ويروى أنَّ ثَقِيفاً حِيْنَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَات قالوا لا قبل لنا بحرب الله عز وجل وتركوا الربا، هذا فضلاً عما أشار إليه قوله تعالى: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} من تسجيل الظلم على من تقاضى أكثر مما أعطى. وأما السنة فما روي عن البخاري ومسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبقَاتِ" قيل يا رسول الله وَمَا هِيَ؟ قال: الشِّرْكُ بِاللهِ والسَّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إلاَّ بِالْحَقِّ وأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِي يَوْمَ الزَّحْفِ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>