الوجه الأول: أن الربا يقتضي أخذ مال الإنسان من غير عوض لأن من يبيع الدرهم بالدرهمين نقداً أو نسيئة يحصل له زيادة درهم من غير عوض، ومال الإنسان متعلق حاجته وله حرمة عظيمة قال -صلى الله عليه وسلم-: "حُرْمَةُ مَالِ المسلمِ كَحُرْمَةِ دَمِّهِ" فوجب أن يكون أخذ ماله من غير عوض محرماً. فإن قيل لم لا يجوز أن يكون بقاء رأس المال في يده مدة مديدة عوضاً عن الدرهم الزائد: وذلك لأن رأس المال لو بقي في يده هذه المدة لكان يمكن المالك أن يتجر فيه ويستفيد بسبب تلك التجارة ربحاً فلما تركه في يد المدين وانتفع المدين به لم يبعد أن يدفع إلى رب المال وذلك الدرهم الزائد عوضاً عن انتفاعه بماله. قلنا إن هذا الانتفاع الذي ذكرتم أمر موهوم قد يحصل وقد لا يحصل، وأخذ الدرهم الزائد أمر متيقن فتفويت المتيقن لأجل الأمر الموهوم لا ينفك عن نوع ضرر. الوجه الثاني: ما قاله بعضهم من أن الله تعالى حرم الربا من حيث إنه يمنع الناس عن الاشتغال بالمكاسب وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بوساطة عقد الربا من تحصيل درهم زائد نقداً كان أو نسيئة خف عليه اكتساب وجه المعيشة فلا يكاد يتحمل مشقة الكسب والتجارة =