الترتيب الثَّابت في السنة فإن الثَّابت في السُّنة أن أهل الصَّفِّ الأول يسجدون معه في الركعة الأولى، وأهل الصَّفِّ الثَّاني يسجدون معه في الثانية، والشافعي -رضي الله عنه- عكس ذلك، قالوا: والمذهب ما ورد في الخب؛ لأن الشافعي -رضي الله عنه- قال: إذا رأيتم قولي مخالفاً للسنة فاطرحوه.
واعلم: أن مسلماً وأبا داود وابن ماجة وغيرهم من أصحاب المسانيد، لم يرووا إلا الترتيب الذي ذكره أبو حامد، نعم، في بعض الروايات أن طائفة سجدت معه ثم في الركعة الثانية سجد معه الدين كانوا قياماً، وهذا يحتمل الترتيبين جميعاً، ولم يقل الشافعي -رضي الله عنه- أن الكيفية التي ذكرتها صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بعسفان ولكن قال:(هذا نحو صلاته [عليه السلام] (١) يوم عسفان) فأشبه تجويز كل واحد منهما، إذ لا فرق في المعنى، وقد صرح به الرَّويَانِي، وصاحب "التهذيب" وغيرهما، قا لوا: واختار الشَّافِعِيّ -رضي الله عنه- ما ذكره لأمور:
أحدها: أن الصَّفَّ الأول أقرب من العدو فهم أمكن من الحراسة.
والثاني: أنهم إذا حرسوا كان جُنَّة لمن ورائهم، فإنْ رماهم المشركون تلقُّوهم بسلاحهم.
والثالث: أنهم يمنعون أبصار المشركين عن الاطلاع على عدد المسلمين وعدتهم، إذا عرفت ذلك فيجوز أن يعلم قوله في الكتاب:(حرسة الصف الأول) بالواو إشارةً إلى قول من قال: إن في الركعة الأولى يحرسهُ الصَّفُّ الثَّاني، وهو الذي أورده في "المهذب".
وقوله: هكذا صلَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعسفان فيه نزاع من جهة النقل، فإن الروايات المشهورة على خلاف ما ذكره كما بَيَّنَّا، ثم المشهور أن الكُلَّ يركعون معه في الركعتين، وإنما التَّخَلُّف في السجود، وذكر في معناه أن الركوع لا يمنع من النَّظَر والحراسة، بخلاف السجود، وحكى أبو الفضل بن عبدان أن من أصحابنا من قال: يحرسون في الرّكوع أيضاً وفي بعض الروايات ما يدل عليه، فهذا هو الكلام في كيفية هذا النوع، وأما موضعه فقد قال الأئمة لهذه الصَّلاة ثلاثة شروط:
أحدها: أن يكون العدو في جِهَةِ القِبْلَةِ، ليَتَمَكَّن الحارسون من رؤيتهم.
والثاني: أن يكونوا على قلة جبل أو مستوٍ لا يمنعهم شيء من أبصار المسلمين.
والثالث: أن يكون في المسلمين كثرة لتمكن جعلهم فرقتين، إحداهما تصلي