للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كانت صغيرة وَجَبَ الصَّبْرُ إلى أن تبلغ فتأذن أو يبلغ الصغير فيقبل.

وكذلك حَكَى الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وغيره وَذَكَرَ الإِمَامُ تفريعًا على مَنْعِ التَّوْكِيلِ أَنَّهُ يرفع الأمر إلى السُّلْطَانَ، حَتَّى يتولى أحد الطرفين ويحتمل أَنْ يُقَالَ: يتخير ويتولى ما شاء منهما، ويحتمل أن يقال: يأتي بما يستدعيه الْوَلِيُّ. وهذا إن كان مَفْروضًا فيما إذا كان ابنُ الابنِ صغيرًا، فَهُو مخالف للأصل المقرر أن غير الأب وَالْجَدِّ لا يزوج الصغيرة والابن الصغير ولكن يمكن فرضه فيما إذا كانت الولاية عليه بسبب الجنون، وَهَلْ لِلْعَمِّ تَزْوِيجُ بِنْتِ أَخِيْهِ وَلابْنِ الْعَمِّ تزويج بِنْتِ الْعَمِّ مِنَ الابْنِ الْبَالِغِ فَيْهِ هنا وَجْهَانِ:

أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ؛ لأنَّهُ لَمْ يُوجَدْ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ.

والثَّانِي: لا؛ لأنَّهُ متهم في حَقِّ وَلَدِهِ وَرُبَّمَا عَرَفَ فِيْهِ مَنْفَعَةً فأخفاها، ومنهم مَنْ قَطَعَ بِالأَوَّلِ وَاسْتَشْهَدَ بهِ لِلْوَجْهِ الذَّاهِبِ إِلَى تَجْويْزِ بَيْع الوكيل المطلق من ابنه، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ في "الوكالة" وَهَذَا إذا أَطلقت الإِذن وَجَوَّزْنَاهُ، فأَمَّا إذا أذنت في التزويج منه فلا كَلاَمَ في جَوَازِهِ وإن زوجها من ابنه الطفَل، فإن لم نجيز في البالغ فَهَا هُنَّا أوْلَى، وَإنْ جَوَّزْنَا هناك فهاهنا وجهان.

والظاهر: المنع؛ لأنه نكاح يحضره أربعة.

المسألة الثَّانِيَةُ: ولي الْمَرْأَةِ إذا كان يجوز له نِكَاحُهَا كابن العم والمعتق والقاضي، وَرَغَب فِي نِكَاحِهَا لم يجز له أن يزوجها من نفسه، فيتولى الطرفين لما مرَ من الخبر، وَلَكِنْ يزوجها من في دَرَجَتِهِ كما إذا كان هناك ابنُ عَمِّ آخَرَ، وإن لم يكن في دَرَجَتْهِ غيره زَوَّجَهَا مِنْهُ الْقَاضِي، وإذا كَانَ الرَّاغِبُ القاضي زوجها منه من فوقه من الولاة، أو خرج إلى قاضي بلدة أُخْرَى ليزوجها منه، أو اسْتَخْلَفَ خَلِيْفَةً إذا كان له الاستخلاف فيزوجها منه -هذا هو ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وهو المذكور في الكتاب هاهنا، وفي ابن العم وَجْهٌ آخَرُ أنه يتولى الطرفين وقد أورده صاحب "الْكِتَاب" في "باب الوكالة"، ويجيء مِثْلُهُ في المعتق وفي القاضي أيضًا وَجْهٌ بَعِيْدٌ، ويقال إِنَّ أبَا يَحْيَى البلخي ذَهَبَ إليه وأنه حين كان قاضيًا بِدِمَشْقَ تزوج امْرَأَةً ولى أمرها من نفسه، وفي الإِمام الأعظم وجهان معروفان:

أحدهما: أنَّ له تولي الطرفين؛ لأنه ليس فوقه من يزوجها.

وَأَصَحُّهُمَا: المنع فيزوجها القاضيُ منه بالولاية كما يزوج خليفة القاضي من القاضي.

ولو أَرَادَ أحد هؤلاء تزويجها من ابنه الصَّغِيْرِ، فَهُوَ كما لو أراد تزويجها مِنْ نَفْسِهِ، وَحَيْثُ جوزنا لأحدهم التزويج من نفسه، فَذَاكَ إذا سمته في إذنها، فأما إذا طَلَبَتِ الإذْنَ وجوزنا، ففيه وَجْهَانِ حكاهما الحَنَّاطِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>