للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّفظي القاضي الرُّوَيانِيُّ عن القَفَّالِ، وذكر أن الأَصَحَّ: أنَّه يكون نَاكِلاً؛ لأنه ليس له رَدُّ اجتهاد القاضي، وقطع بعضهم في الامْتِنَاعِ من التغليظ اللَّفْظِيِّ، أنَّه لا يكون [ناكلاً] (١).

وفي التغليظ الزَّمَانِيِّ والمكاني، أنَّه يكون نَاكِلاً.

والفرق؛ أن التَّغْلِيظَ اللَّفْظِيَّ من جِنْسِ المأتي به، وهو ذِكْرُ الله -تعالى الذي هو (٢) مناط الحُرْمَة، والتعظيم، والتَّغْلِيظ الزماني، والمكاني، ليسا من جِنْسِ المأتى به، فلم يكن له الامْتِنَاعُ منهما (٣).

ولْيُعَلَّمْ قوله في الكتاب: "إلا في مَالٍ دون نِصَاب الزكاة" بالميم، لما عرفت من مَذْهَبِهِ أنَّه يَجْرِي التَّغْلِيظُ فيما دون نِصَاب الزكاة، إذا لمَ يكن دون نصَاب السرقة وبالواو أيضاً؛ لأن القاضي ابْنَ كَجٍّ حَكَى عن أَبي الحُسَيْنِ وَجْهاً: أن المال الوَاجب بالجِنَايَةِ، عَمْداً كان، أو خَطَأً، يجري فيه التَّغْلِيظُ، وإن كان دون نِصَابِ الزكاة.

وقوله: "لم تغلظ يمينه"، وقوله: "وتغلظ على المُخَدَّرَةِ"، مرقومان بالواو لما تَقَدَّمَ، ويمكن إِعْلاَمُ قوله: "وشرط اليمين أن يطابق الإنكار" أيضاً بالواو؛ لأنا أَسْلَفْنَا وَجْهَيْنِ في أن المُدَّعَى عَلَيْهِ، لو أنكر الجِهَةَ التي أَسْنَدَ المدعى إليها دَعْوَاهُ من إِقْرَاضٍ، أو إتْلاَفٍ، ثم أراد أن يَقْتَصِرَ في يَمِينِهِ على نَفْي اللزوم، ولا يَتَعَرَّضُ لتلك الجِهَةِ، هل يُمَكَّن منه؟ فإن مَكَّنَّاهُ، لم يكن من شَرْطِ اليمين أن يطابق الإِنْكَارَ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَأَمَّا المَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ عَلَى البَتِّ فِي كُلِّ مَا يَنْسِبُهُ إِلَى نَفْسِهِ مِنْ نَفْي أَوْ إِثبَاتٍ وَيَحْلِفُ عَلَى البَتِّ فِي الإِثْبَاتِ المَنْسُوبِ إِلَى غَيْرِهِ كَبَيْعٍ، وَفي النَّفْي يَكْفِي الحَلِفُ عَلَى نَفْي العِلْمِ فَيَقُولُ: لاَ أَعْلَمُ عَلَى مُوَرِّثي دَيْناً وَلاَ أَعْلَمُ مِنْهُ إِتْلاَفاً وَبَيْعاً، وَهَلْ يَثْبُتُ فِي نَفْي أَرْشِ الجِنَايَةِ عَنِ العَبْدِ وَجْهَانِ، وَفِي نَفْي الإتْلاَفِ عَنْ بَهِيمَتِهِ الَّتِي قَصَّرَ بِتَسْرِيحِهَا يَجِبُ البَتَّة.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الحالف تَارَةً يَحْلِفُ على البَتِّ، وأخرى على العِلْمِ، ومَقْصُودُ الفَصْلِ، بَيَانُ موضع القَسَمَيْنِ؛ فإن كان يَحْلِفُ على فعل نَفْسِهِ، فيحلفَ على البَتِّ، سواء كان يُثْبِتُهُ، أو يَنْفِيهِ؛ لأنه يَعْرِفُ حَالَ نَفْسِهِ، ويطلع عليها. وإن كان يَحْلِفُ على فعل الغَيْرِ، فإن كان في إِثْبَاتٍ، فيحلف على البَتِّ؛ لأنه يسهل الوُقُوف عليه، وهذا كما أنَّه يَشْهَدُ به.

وإن كان [يحلف] (٤) على النفي، فيحلف على أنَّه لا يَعْلَمُهُ؛ لأن النَّفْيَ المُطْلَقَ


(١) سقط في: ز.
(٢) في ز: "و" مكان "والذي هو".
(٣) في ز: منها.
(٤) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>