للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البطْن الأوَّل أحد، ولا إلى الثالثِ ما بَقِيَ من الثاني أحدٌ، هكذا أطلقه الجمهورُ، والقياس فيما إذا ماتَ واحدٌ من البطن الأوَّل أن يجيء في نصيبه الخلافُ المذْكُور في ما إذا وقَف عَلَى شخصَيْن أو جماعةٍ، ثم عَلَى المساكِينِ، فمات واحدٌ إلَى من يُصْرَف نصيبُهُ، ولم أر له تعرضاَ إلاَّ للشَّيْخ أبي الفرج السَّرْخَسِيِّ، فإنَّه سَوَّى بيْن الصورتَيْنِ، وحكَى فيهما وجهَيْن، لكنْ رواهما عَلَى نسَقِ آخَرَ؛ فقال:

أحد الوجهين أنَّ نصيبَ الميِّت لصاحبه.

والثاني: أنَّهُ لأقرب النَّاسِ إلَى الواقف، وهذا إِشارةٌ إلَى ما ذكرنا أنَّهُ القياسُ في تلْكَ الصُّورة، ثم رأيتُ لصاحب "الإفصاح" أنَّهُ يُصْرَفُ إلَى أقربِ النَّاسِ إلى الواقف ذَكَرَهُ في "كتاب الشهادات" (١).

ولو قال: علَى أولادي، وأولادِ أولادِي الأعلَى فالأعلَى، أو الأقربِ فالأقْرَبِ، أو الأوَّلِ فالأوَّلِ، فيقْتَضِيه التَّرتيبُ أيْضاً، وكذا لو قال: عَلَى أولادي، وأَولادِ أوْلادَي عَلَى أنْ يبدأ بالأعلَى منْهم، أو على ألا حقَّ لبطنِ، وهناك معّ فوقهُمْ.

ولو قال: فَمَنْ مات من أولادِي، [فنصيبه لولده، اتُّبع شرطه. ولو قال: عَلَى أولادِي]، ثم عَلَى أولادِ أولادِي وأولادِ أوْلادِ أوْلاَدِي، فيقتضيه الترتيب، بين البَطْن الأوَّل ومَنْ دونَهم والجمع بين من دونهم.


= قال في الخادم: إن الذي جزم به المارودي والبندنيجي والقاضي حسين في فتاويه والروياني والإمام والغزالي وصاحب الذخائر أن ذلك للترتيب.
قال الأسنوي: والرافعي لم يمحن النظر في هذه المسألة، فإنه نقل الترتيب عن بعض أصحاب الإمام وهو مقطوع به في كلام الإمام نفسه.
ثم قال الأسنوي: وما ذكره الشيخان من اقتضاء التسوية باطل من جهة البحث أيضاً، فإن لفظه بعد في اقتضاء الترتيب أصرح من ثم والفاء وغيرهما وقد جزما فيهما باقتضاء الترتيب، فما نحن فيه أولى. قال ابن العماد: ما قاله الأسنوي من أن بعد أصرح من ثم والفاء في الترتيب خطأ مخالف لنص القرآن العظيم، فقد قال الله تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ}.
قال المفسرون: أي مع ما ذكر من أوصافه زنيم، واستدل بغير ذلك من القرآن ومن كلام العرب. والمقصود من ذلك إنما هو إظهار الحق؛ لأن العلماء أئمة الهدى وبهم نقتدي فلا يظن فيهم غير ذلك، فظهر بهذا أن ما جرى عليه الشيخان هو المعتمد.
(١) قال النووي: [الصحيح: ما أطلقه الجمهور؛ لأن من بقي بعد موت بعض الأولاد يسمون أولاداً، بخلاف ما إذا مات أحد الشخصين. ثم إن مراعاة الترتيب لا تنتهي عند البطن الثالث والرابع، بل يعتبر الترتيب في جميع البطون، فلا يصرف إلى بطن وهناك أحد من بطن أقرب، صرح به البغوي وغيره].

<<  <  ج: ص:  >  >>