للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أَقَرَّ بِالجَنَايَةِ، وأنكر إِسْقَاطَهَا الجَنِينِ وَحَمْلَها، وقال: إِنَّ السَّقْطَ مُلْتَقَطٌ، فكذلك وهو المُصَدَّقُ، وعلى المدعي البَيِّنَةُ، وتقبل فيه شَهادَةُ النساء، فإن الإسْقَاطَ كالوِلاَدَةِ لا يَطَّلِعُ عليه غالبًا إلا النِّسَاءُ.

وإن أَقَرَّ بِالجِنَايَةِ والإسقاط، وأنكر كَوْنَ السُّقُوطِ بسبب الجناية، فينظر: إن أسقطت عَقِيبَ الجِنَايَةِ، فهي المُصَدَّقَةُ باليمين، سواء قال: إنها شَرِبَتْ دَوَاءً، أو ضرب بَطْنَها إِنْسَانٌ آخر، أو قال: حَانَ وَقْتُ وِلاَدَتِهَا، ولذلك انْفَصَلَ الوَلَدُ؛ لأن الجِنايَةَ سبب ظَاهِرٌ في الإسْقَاطِ، والأصل أنه لم يوجد سَبَبٌ آخر، والوِلاَدَةُ قد تَتَقَدَّمُ، وقد تَتأَخَّرُ، فلا يصرف السُّقُوط عن الجِنايَةِ الظاهرة بِأَمْرٍ محتمل.

وإن أَسْقَطَتْ بعد مُضِيِّ مدة في وَقْتِ الجِنَايَةِ، فهو المُصَدَّقُ باليمين؛ لأن الظاهر معه، إلا أن تُقِيمَ بَيِّنَةً على أنها لم تَزَلْ ضَمِنَةً مُتَأَلِّمَةٌ حتى أَسْقَطَتْ.

ولا تُقْبَلُ هذه الشَّهَادَةُ إلا من رَجُلَيْنِ.

وضبط صاحب "التتمة" المدة المُتَخَلِّلَة بما يَزُولُ فيه ألَمُ الجِنَايَةِ. وأَثَرُها غالبًا.

وإن اتَّفَقَا على أن الجَنِينَ سَقَطَ بجنايته، وقال الجاني: إنه سَقَطَ مَيِّتًا، وقال الوارِثُ: بل حَيًّا، ثم مات، فالواجِب الدِّيَةُ، فعلى الوارِثِ البَيِّنَةُ على ما يَدَّعِيهِ من الحَيَاةِ والاسْتِهْلاَلِ وغيره، ويقبل فيه شَهَادَةُ النساء؛ لأن الاسْتِهْلاَلَ حينئذ لا يَطَّلِعُ عليه إلا النِّسَاءُ غالبًا كالوِلاَدَةِ.

وعن حكايته الرّبيع أنه لا يُقْبَلُ إلا من رَجُلَيْنِ، وإن أقام كُلُّ واحد منهما بَيِّنَةً على ما يقوله، فَبَيِّنَةُ الوارِثِ أوْلَى؛ لأنها تَخْتَصُ بزيادة عِلْمٍ، وهي الحياة.

ولو اتَّفَقا على أنه انْفَصَلَ حيًا بِجنايَتِهِ، وقال الوارِثُ: مات بالجناية، وقال الجاني: بل بِسَبَبٍ آخر، فإن لم يَمْتَدَّ الزَّمَانُ، فالمُصَدَّقُ الوارث بيمينه؛ لأن الجِنايَةَ سَبَبٌ صَالِحٌ، ولم يظهر سَبَبٌ آخر، فكان المَوْتُ مُحَالًا عليه.

وإن امْتَدَّ الزَّمَانُ، فالمُصَدَّقُ الجاني بيمينه، إلا أن يقيم الوارِثُ بَيِّنَةً على أنه لم يَزَلْ مُتأَلِّماً إلى أَن مات.

ولو أَلْقَتْ جَنِينَيْن، وادَّعَى الوَارِثُ حَيَاتَهُمَا، وأنكر الجاني حَياتَهُمَا فأقام (١) الوارث بَيِّنَةً (٢) على اسْتِهْلالِ أحدهما.

قال في "التتمة": الشهادة مَسْمُوعَةٌ، ثم إن كانا ذَكَرَيْنِ، فتجب ديَةُ رَجُلٍ وغُرَّةٌ، وإن كانا أنثيين فَدِيَةُ امْرَأَةٍ؛ وغرة، وإن كان أحدهما ذَكَرًا والآخر أُنْثَى، فيوجب


(١) في أ: وأقام.
(٢) في ز: شاهدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>