للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز أن يُعْلَمَ؛ لما بينا قوله في الكتاب: "ويلزم عاقِلَة الجَاني" بالواو.

وكذا قوله "إذ لا يُمْكِنُ أن يكون قَتْلُ الجنين عَمْدًا".

وذكر صاحب الكتاب في "الوسيط" أنه لو كان عدد العاقلة لا يَفِي إلا بالنِّصْفِ، فعليهم نِصْفُ قِيمَةِ الغُرَّةِ، لا قيمة نصف الغرة، وبينهما فَرْقٌ، إذ الغُزَّةُ ربما تُسَاوِي أَلْفاً، والنصف يُوجَدُ بأربعمائة، فالوَاجِبُ عليهم نِصْفُ قيمة الكل، وهو خمسمائة.

ولك أَن تقول: نعم بينهما فَرْقٌ، لكن هذا كلام قَلِيلُ النَّوْلِ (١)؛ لأن الذي يحمله كُلُّ واحد منهم مَعْلُومٌ مَضْبُوطٌ، وجملة ما يحملونه تَخْتَلِفُ باختلاف عَدَدِهِمْ، فإن لم يَفِ عَدَدُهُمْ إلا بقيمة النِّصْفِ، لم يحملوا أكْثَرَ من قيمة النِّصْفِ، وإن وَفَّى بنصف القيمة أو أكثر، حملوا ذلك. هذا كُلُّه في الغُرَّةِ.

أَما بَدَلُ الجنين الرَّقِيقِ، فَيُصْرَفُ إلى السَّيِّدِ، وهل يتَحملهُ العَاقِلَةُ؟ فيه القولان المذكوران في بَدَلِ العَبْدِ.

المسألة الثانية: إذا جَنَى على الحامل بقطع طَرَفٍ أو جِرَاحَةٍ أخرى، فأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، يجب مع ضَمانِ الجنين ضَمانُ الجِنايَةِ حُكُومَةً كان أَو أَرْشًا مقدرًا، ويكون ضَمانُ الجِنايَةِ لها.

ولو تأَلَّمَتْ [بالضرب] (٢) وألقت الجَنينَ، فإن لم يَبْقَ شَيْنٌ لم يجب لِلألَمِ شَيْءٌ، وإن [بقي] (٣) شَيْنٌ، فوجهان:

أحدهما: أنه لا يَجِبُ مع الغُرَّةِ شَيْءٌ، كما لا يجب لِلألَمِ.

وأصحهما -وهو المذكور في الكتاب-: أنه يجب حُكُومَةُ الشَّيْنِ مع الغرة، كما يجب ضَمَانُ الجِرَاحَةِ.

وقوله: "وأَرْشُ أَلَم الأم يَنْدَرجُ تحت الغُرَّةِ"، وهذه اللفظة إنما تَنْطَبِقُ على قولنا بوجوب الحكومة في الجِرَاحَةِ التي تعقب شَيْنًا، أو نُقْصَانًا.

والمَقْصُودُ أنه لا يَجِبُ مع الغُرَّةِ شَيْءٌ على ما بَيَّنَّا.

"خاتِمَةٌ": إذا سقط "الجَنِينُ مَيّتًا" وادْعَى وَارِثُهُ على إِنْسَانٍ أنه سَقَطَ بِجِنايَتهِ، فأنكر أَهْلَ الجناية، فهو المُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وعلى المُدَّعِي البَيَّنَةُ، ولا تُقْبَلُ فيه إلا شَهَادَةُ الرِّجَالِ.


(١) في ز: النزل.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>