للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له ذلك، نعم لو كان مشروطاً في بيع فللبائع الخيار.

وقال مالك: يلزم الرَّهْن بنفسه، وعن أحمد مثله إلا في المكيلات والموزونات.

لنا: أنه عقد إرفاق يحتاج إلى القبول، فلا يلزم إلاَّ بالقبض كالقرض.

وأما أنه بم يحصل؟ فسبيله في العَقَار والمنقول ما تقرر في البيع، ويعود الخلاف المذكور في أن التَّخْلِيَة، هل تكفي في المنقول أم لا بد من النقل؟ وعن القاضي القطع بأنه لا يكفي التَّخْلِية في الرَّهْن؛ لأن القبض مستحق في البيع، وهاهنا بخلافه، ويتعلق بهذا الأصل فروع مذكورة في الفصل الَّذِي بعد هذا الفصل.

وأما أنه مِمَّن يصح فهو الذي يصح منه العقد، وتجري النيابة في القبض جَرَيَانها في العقد، لكن لا يجوز للراهن إِنَابَة المرتهن؛ لأن الواحد لا يتولَّى طرفي القبض كما بَيَّنا في البيع، وكما لا ينيبه لا ينيب عبده ولا مُدَبّره ولا أم ولده؛ لأن يَدَهُمْ يَدَهُ، ولا بأس وإنابة مُكَاتَبه لاستقلاله باليد والتصرف، وفي عبده المأذون وجهان:

أحدهما: الجواز لانفراده باليد والتصرف.

وأصحهما: المنع فإنه عبده القِنّ، وهو متمكن من الحجر عليه (١)، وهذا كُلّه قد أشرنا إليه في البيع، وعن الشيخ أبي علي حكاية وجه ثالث، وهو أنَّ المأذون إنْ لم تركبه الديون لم يجز إنابته، وإن ركبته جاز لانقطاع سلطة السَّيد عما في يده، ومشابهته المكاتب.

قال الغزالي: وَلَوْ رَهَنَ مِنَ المُودِعِ نَصَّ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَي إِذْنِ جَدِيدٍ، وَفِي الهِبَةِ مِنَ المُودِعِ نَصَّ أنَّهُ يَلْزَمُ، فَقِيلَ قَوْلاَنِ بالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ، وَقِيلَ بِالفَرْقِ لِضَعْفِ الرَّهْنِ، ثُمَّ لاَ بُدَّ (و) مِنْ مِضِيِّ زَمَانٍ يُمْكِنُ المَسِيرُ فِيهِ إِلَي البَيْتِ الَّذِي فِيهِ الرَّهْنُ حَتَّى يَلْزَمَ، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ الله عَنْهُ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ قَبْضاً مَا لَمْ يَصِلْ إِلَي بَيْتِهِ، وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ التَّرَدُّدِ فِي بَقَائِهِ لِيُتَيَقَّنَ وُجُودُهُ، وَالأَصَحُّ: (و) أَنَّه لَوْ بَاعَ مِنَ المُودِع دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ البَيْعِ.


(١) لانفراده باليد والتصرف كالمكاتب وفرق الأول بأن السيد متمكن من الحجر عليه، فإن قيل لو وكل رجل العبد في شراء نفسه من مولاه صح مع أنه لا يصح لو وكل مولاه فليست هنا يد العبد كيد مولاه، أجيب بأن شراء العبد نفسه من مولاه صحيح في الجملة لتشوق الشارع إلى العتق فلم ينظروا فيه إلى تنزيل العبد منزلة مولاه في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>