للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعده، فليس على البَائِع عُهْدَتُهُ (١)، وإنما شَرَطْنَا في صُورَةِ الفَرْع أن يقول كل واحد منهما وهو يَمْلِكُهَا؛ لأن من ادَّعَى مَالاً في يَدِ إِنْسَانِ، وقال: اشْتَرَيْتُهُ من فلان، لم تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حتى يقول [اشتريته منه] (٢) وهو يملكه، ويقوم مقامه، أن يقول: وتَسَلَّمْتُهُ منه، أو سَلَّمَهُ إِلَيَّ؛ لأن الظَّاهِرَ أنَّه إنما يَتَصَرَّفُ بالتسليم فيما يَمْلِكُ.

وفي دَعْوَى الشراء من صَاحِبِ اليَدِ لا يحتاج أن يقول: وأنت تملكه، ويكتفي بأن اليد تَدُلُّ على المِلْكِ (٣)، وكذلك يشترط (٤) أن يقول الشَّاهِدُ [في الشهادة] (٥): اشْتَرَاهُ من فُلاَنٍ، وهو يَمْلِكُهُ، أو اشْتَرَاهُ، وتَسَلَّمَهُ منه، أو سَلَّمَهُ هو إليه.

قال الإمَامُ: ويجوز أن يُقِيمَ شُهُوداً على أنَّه اشْتَرَى من فُلاَنٍ، وآخرين على أن فُلانَاً كان يَمْلِكُهُ، إلى أن بَاعَ منه، لكن الآخرين إنْ شهدوا هكذا، فقد شَهِدُوا على البَيْعِ والمِلْكِ. وكان المُرَادُ، ما إذا أقام شُهُوداً على أنَّه اشْتَرَى منه وَقْتَ كذا، وآخرين على أنَّه كان يَمْلِكُ إلى وَقْتِ كذا.

وإذا أَقَامَ أحد المدعيين (٦) بَيِّنَةً أنَّه اشْتَرَى الدَّار من فلان، وكان يَمْلِكُهَا، وأَقَامَ الآخَرُ البَيِّنَةَ على أنَّه اشْتَرَاهَا من مُقِيمِ البَيِّنَةِ الأولى، يُحْكَمُ ببينة (٧) الثاني، ولا يحتاج أن يقول المقيم البَيِّنَةِ وأنت تَمْلِكهَا. كما لا يحتاج أن يقوله لِصَاحِبِ اليَدِ؛ لأن البَيِّنَةَ تَدُلُّ على المِلْكِ، كما أن اليَدَ تَدُلُّ عليه.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّالِثَةُ: أَنْ يَدَّعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ أَلفاً مِنْ ثَمَنِ دَارٍ فِي يَدِهِ، فَالصَّحِيحُ (و) أَنْ لاَ تَعَارُضَ وَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ في ذِمَّتِهِ، إلاَّ إِذَا عَيَّنَّا وَقْتَاً يَسْتَحِيلُ فِيهِ تَقْدِيرُ عَقْدَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: هذه المَسْأَلَةُ غير الثانية؛ هناك ادَّعَى اثْنَانِ شِرَاء ما في يَدِهِ منه، وكل [يطالب به هاهنا ادَّعَى اثْنَانِ بَيْعَ ما في يَدِهِ منه، وكُلُّ] (٨) يُطَالِبُهُ بِالثَّمَنِ؛ وصورتها دَارٌ في


(١) وصور في البيان المسألة بما إذا ادَّعَى أحدهما أنَّه نقذ الثمن ولم يسلم الدار إليه والآخر نقده الثمن ولم يسلمها.
(٢) سقط في: ز.
(٣) هذا الذي جزم به هو المشهور وقال البغوي في فتاويه: إنه ظاهر النص فلو قال: اشتراه من فلان لم يسمع قال: ويحتمل ألا تشترط هذه اللفظة؛ لأنه قد يشتريه من فلان شراء صحيحاً، ولا يكون البائع مالكاً له بل وكيلاً بالبيع.
(٤) في أ: شرط.
(٥) سقط في: أ.
(٦) في أ: المتداعيين.
(٧) في ز: بينة.
(٨) سقط في: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>