للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدِ إِنسان، جاء اثْنَانِ، فقال كُلُّ واحد منهما: بعْتُ منك هذه الدَّارَ، وكانت مِلْكِي بكذا، فَأَدِّ الثَّمَنَ. فإن أَقَرَّ لهما، طُولِبَ بالثَّمَنَيْنِ.

وإن أَقَرَّ لأحدهما، طُولِبَ بالثَّمَنِ الذي سَمَّاهُ، وحَلَفَ الآخَرُ (١). وإن أنكر ما ادَّعَيَاهُ، ولا بَيِّنَةَ، حلف لهما يَمِينَيْنِ. وإن أَقَامَ أحدهما البَيِّنَةَ، قُضِيَ له، وحَلَفَ للآخر.

وإن أَقَامَ كُلُّ واحد منهما البَيِّنَةَ، فَيُنْظَرُ إن أُرِّخَتَا بتَارِيخَيْنِ مختلفين، فعليه الثَّمَنَانِ؛ لإِمْكَانِ اجتماعهما.

وإن أُرِّخَتَا بتَارِيخٍ وَاحِدٍ، بأن عُيِّنَا أَوَّلَ الطُّلُوع، أو الزَّوَالِ، فهما مُتَعَارِضَتَانِ؛ لامتناع كَوْنِ الشيء الوَاحِدِ مِلْكاً في وَقْتٍ واحد، لهذا وحده، ولهذا وحده، فعلى قول التَّهَاتُرِ كأنه لا بَيِّنَةَ. وعلى قول القُرْعَةِ، يُقْرَعُ، فمن خَرَجَتْ له القُرْعَةُ، قُضِيَ له بالثَّمَنِ الذي شَهِدَ به شهوده، وللآخر تَحْلِيفُة لا مَحَالَةَ؛ لأنه لو اعْتَرَفَ به بعد ذلك، لَزِمَهُ.

وعلى قول القِسْمَةِ لكل واحد منهما نِصْفُ الثَّمَنِ الذي سَمَّاهُ، وكأن الدَّارَ كانت لهما، فَبَاعَاهُ بِثَمَنَيْنِ مختلفين، أو مُتَّفِقَيْنِ. وفي مجيء قول الوقف الخِلاَفُ السَّابِقُ، والظاهر مَجِيئُهُ. وإن كانت البَيِّنَتَانِ مُطْلَقَتَيْنِ، أو إحداهما مُطْلَقَةٌ، والأخرى مُؤَرَّخَةٌ، فوجهان:

أصحهما: عند صاحب الكتاب والإمَام: أنهما كالمُؤَرَّخَتَيْنِ بتاريخين مختلفين، ويلزمه (٢) الثَّمَنَانِ؛ لأن التَّنَافِيَ غَيْرُ مَعْلُومٍ، والَعَمَلُ بكل واحد من البَيِّنَتَيْنِ مُمْكِنٌ.

والثاني: أنهما كالمُؤَرِّخَتَيْنِ بِتَاريخٍ واحد؛ لأنهما رُبَّمَا شهدا (٣) [على] (٤) البيع في وَقْتٍ وَاحِدٍ، والأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ المُشْتَرِي، فلا يُؤَاخَذُ إلا باليَقِينِ.

قال القاضي ابْنُ كَجٍّ: وبهذا قال القَاضِي أبو حَامِدٍ، وأبو الحسين وغيرهما، وَوَجَّهَهُ أيضاً: بأن المدعيين مُتَّفِقَانِ [على أنَّه] (٥) لم يَجْرِ إلا بَيعَةٌ واحدة منهما، وكُلٌّ منهما يقول: أنا صَاحِبُهَا. فعلى هذا يَعُودُ خِلاَف التَّعَارُضِ. وحكى الشيخ أبو حَاتِمٍ القزويني طَرِيقَةً أُخْرَى قَاطِعَةً بالوجه الأول؛ وذكر هو، وأبو الفَيَّاضِ: إن مِنَ الأصحاب


(١) ما جزم به من أنه يحلف للآخر فيما إذا أقر لأحدهما لا خلاف فيه في المذهب، وذلك لأنه لم يتعلق بما أقر له به حق لغيره ومقتضى ذلك أنه لو كان الثمن الذي يدعيانه معيناً أنه لا يقطع التحليف وهو كذلك، والقياس فيه أن يجيء فيه ما تقدم فيما إذا قال كل واحد منهما اشتريتها من صاحب اليد وسلمت إليه الثمن.
(٢) في أ: ويلزمهما.
(٣) سقط في: أ.
(٤) سقط في: أ.
(٥) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>