للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرافعي: فيه مسألتان:

إحداهما: لو قارض في مرض موته صح، وإذا ربح العامل سلم له الجزء المشروط، وإن زاد على أجرة مثل عمله، ولا يحسب من الثلث؛ لأن المحسوب من الثلث ما يفوته من ماله، والربح ليس حاصل حتى يفوته، وإنما هو شيء يتوقع حصوله، فإذا حصل حصل بتصرفات العامل وكسبه.

ولو ساقاه في مرض الموت، وزاد الحاصل على أجرة المثل فوجهان:

أحدهما: أنه لا يحتسب من الثلث أيضًا؛ لأنه لم يكن حينئذ ثمرة، وحصولها منسوب إلى عمل العامل وتعهده.

وأشبههما: احتساب الزيادة من الثلث؛ لأن للثمار وقتًا معلومًا ينتظر، وهي قد تحصل من عَيْنِ النخيل من غير عمل، فكانت كالشَّيء الحاصل، بخلاف الأرباح الثانية يجوز أن يقارض الواحد اثنين والعكس، ثم إذا قارض الواحد اثنين، وشرط لهما نصف الربح بالسوية جاز، ولو شرط لأحدهما ثلث الربح (١)، وللآخر ربعه، فإن أبهم لم يجز، وإن عين الثلث لهذا، والربع لهذا جاز؛ لأن عقد الواحد مع اثنين كعقدين.

وقال مَالِكٌ: لا يجوز لاشتراكهما في العمل.

وقال الإمام: وإنما يجوز أن يقارض اثنين إِذا ثبت لكل واحد منهما الاستقلال، فإن شرط على كل واحد منهما مراجعة الآخر لم يجز.

وما أرى أن الأصحاب يساعدونه عليه (٢)، وإذا قارض اثنان واحدًا، فليبينا نصيب العامل من الربح، ويكون الباقي بينهما على قدر ماليهما (٣) ولو قالا: لك من نصيب أحدنا من الربح الثلث، ومن نصيب الآخر الربع، فإن أبهما لم يجز، وإن عينا وهو عالم بقدر كل واحد منهما جاز، إلاَّ أن يشترطا كون الباقي بين المالكين على غير ما تقتضيه نسبة المالين كافية من شرط الربح لمن ليس بمالك، ولا عامل.

وعن أبي حنيفة تجويز هذا الشرط.

قال الغزلي: وَمَهْمَا فَسَدَ القِرَاضُ بِفَوَاتِ شَرطٍ نَفّذَ التَّصَرُّفَاتِ وَسلَّمَ كُلِّ الربِّح


(١) في ط نصف.
(٢) قال في المهمات: والأمر كذلك وقال البلقيني وأقاله الإمام: الأصحاب يساعدونه عليه فالوجه القطع به فإن من شرط القراض الاستقلال بالتصرف وهنا ليس كذلك.
(٣) فإن كان مال أحدهما ألفين والآخر ألفًا وشرطًا للعامل نصف الربح أقتسما نصفه الآخر بينهما أثلاثًا على نسبه ماليهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>