للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن ادعَى عليه أنه قتل أباه خطأً، فقال: بل قتلته عمداً، فلا قصاص، وهل له أن يطالبه بدية مخفَّفة. قال المتولِّي: فيه الوجهان، وإذا نكل المدعَى عليه في الصورة الأولَى، حلف المدعي على أنه كان متعمدًا، ويكون عدد يمينه، بعَدَد أيمان المدعَى عليه، ويثبت له بيمينه القصاصُ أو الديةُ المغلَّظة في ماله؟

قال في "المختصر" في "صفة يمين المدعَى عليه": إذا نكل المدعي عن القسامة أو لم يكن هناك لوْثٌ يحلف بالله؛ إنه ما قتله، وما أعلن على قتْله وما ناله من فِعْله، ولا بسبب فعْله شيْءٌ جَرَحَه، ولا وصل إلى شيْء مِنْ بدنه، ولا أحدث شيئًا، مات منه فلان، وشرَحَه الأصحاب، فقالوا: قوله "ما قتله" لنفْيِ انفراده بالقَتْل.

وقوله "وما أعان على قتْله" لنفي الاشتراك.

وقوله "ولا ناله من فعله" أي لم يصبه سهمه وحَجَره الذي رماه.

وقوله "ولا بسبب فَعَله" لأنه قد يرمى بسبب أو حَجَر، فيصيب حجرًا فيطير المُصَاب إلى الشخْص، فيقتله، وقوله "ولا وصل إلى شيْء من بدْنه" أي ما سقاه سُمّاً يهلك به.

وقوله "ولا أحدث شيئًا مات منه" أي ما حَفَر بئراً، ولا نصب سِكِّينًا وحَجَراً هَلَك به، ولا حاجة إلى ذكْر صفة القتل، فإنه ينفي أصْلَه، واحتجَّ أبو إسحاق جماعةٌ بهذا النصِّ على أنه يجُوز أن تكون دَعْوَى الدم مطلقَةً، فإنه إذا عيَّن جهة يكفي نفْي الجهة المدَّعاة، وَمَنْ منع مِنه، قال: المسألة مصوَّرة فيما إذا أدَّى اجتهاد القاضي إلى سماع الدعوى المطْلقة وادَّعَى الوليُّ حصول الهلاك عَلَى يده، ولم يردَّ، فيقضي القاضي في اليمين بنفي الجهات [أو هي] مصورة فيما إذا كان الوارثُ صبيّاً أو مجنوناً، فينصب القاضي مَن يَدَّعي ويحتاطُ في التحليف.

إذا ادَّعَى جراحةً لا توجب القصاص؛ كالجائفة، وأقام على دعْواه شاهداً واحدًا، وحلَف مع شاهده يميناً واحدةً ينبغي المال، ثم ما المجْروح بالسراية.

قال ابن الحدَّاد: لا يعطي الورثةُ شيئًا إلاَّ بخمسين يميناً؛ لأنها صارت نفْساً.

قال القاضي أبو الطيب: تصوير ابن الحدَّاد أولاً مبنيٌّ على أن دعْوى الجراحة والبينة عليها تُسْمَعَان قبل اندمالها وانتهائها بنهايته، وفيه خلاف، ثم جوابه مفرَّع على أن الأيْمان لا تتعدَّد [إلاَّ] في الأطرف والجراحات.

وإن قلنا: تتعدد وتُكَمَّل الأيمانُ فيها، فيحلف مع شاهده خمسين يمينًا.

وإن قلنا بالتوزيع على قدْر الدية، فتحلف للجائفة مع الشاهد ثلُثَ الخمسين، ثم إذا مات المجروح، وصارت الجراحةُ نفْساً، فيقسم الورثة، واللَّوْث حاصلٌ بشهادة

<<  <  ج: ص:  >  >>