للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة: إذا قتل مَنْ لا وارث له بالجهات الخاصَّة فلا قَسَامة، وإن كان هناك لوْثٌ؛ لأنه ليس للدية مستحِقٌّ متعيَّن، وإنما هي لعامة المسلمين، تحلفُهم غيْرٌ ممكن، ولكن ينصب القاضي مَنْ يدَّعي عليه ويُحَلِّفه، فإن نكَل، فهل يقضي عليه بالنُّكول؟ فيه خلاف مذكور في موضِعِه.

ونختم القول في القسامة بمسائل بقيت من الباب.

لا ينبغي أن يُحَلِّف الحاكمُ السكرانَ مدعياً كان أو مدعى عليه، حتى يَعْلَم ما يقول، وما يقال له، وينزجر عن اليمين الفاجرة، فإن حلفه في السكْر، فعلى الخلاف في أن السكْران كالصاحِي أو كالمجنون.

والأظهر الأولُ، وعن القاضي أبي حامِدٍ والماسرجسي [أن يقسم] ترجيح الثاني.

إذا قُتِلَ رجلٌ، وكان اللوث على عبده، فأراد الوارث أن يقسِم عليه، فله ذلك، إن أثبتنا القصاص بالقسامة، لنقتص منه، وإلاَّ، فلا يثبت له في رقبة عبده مالٌ فلا يقسم، إلاَّ أن يكون مرهوناً، فيستفيد بالقسامة فكَّ الرَّهْن وبيعه، وقسمه ثمنه على الغرماء.

ادعَى على رجل، أنه قَتَل أباه عمداً، فقال المدعَى عليه: قتلْتُه، ولكنْ خطأً أو شبه عمْدٍ ففي "التهذيب": أن القَوْل في نفْي العمديَّة قولُ المدعَى عليه مع يمينه، سواءٌ كان هناك لوْث أو لم يَكُن.

والأقْوَى ما ذكرَه الإمامُ وصاحب "التتمة"، وهو أنه إن كان هناك لوْثٌ؛ كما إذا شهد عبيدٌ أو نسوةٌ على إقرار المدعَى عليه بالعمد، فيقسم المدعِي، ودعْوَى المدعَى عليه كونَ القتْلِ خطأً لا تمنع المدعي في القسامة، ولا تُبْطِل اللوْث، إنْ لم يؤكِّدْه، وإن لم يكُنْ لوْثٌ، فحينئذ يُصدَّق المدعَى عليه، ثم إذا حلف المدعَى عليه، فلم يحلف، رتّب ذلك على أنه لو أنكر أصْل القتل، لم يحلف، إن قلْنا: يحلف يميناً واحدة، فكذلك ههنا أو هو أولَى، وإن قلْنا: يحلف خمسين، فوجهان؛ لأن إنكار الصفةِ أخفُّ من إنكار الأصْل، والظاهر أنه لا فَرْق، وإذا حلف المدعَى عليه، فهل للمدعي طلَبُ الدية؟

قال المتولِّي: فيه قولان بناءً على أن الدية في الخَطأ تجب على العاقلة ابتداءً أو تجب على الجانِي، وهم يتحمَّلُون؟ إن قلْنا بالأول، فليس له طلب الدية؛ لأنه ادَّعَى حقّاً علَى المدعَى عليه، وهو اعترف بوجوبه على غيْره، وإن قلْنا بالثاني، فيُبْنَى على أن الحَلِف في الصفة، هل هو كالحلف في الموصوف، وفيه قولان مذكورانِ في "مسائل النكاح" إن قلْنا: نعم، فكأنه ادعَى مالاً واعترف بمال آخر لا يدعيه، وإن قلْنا: لا، طالَبَ بالدية، وهو الأظهر، واقتصر على الجواب علَيْه أكثرُ مَنْ أورد المسألة، وتكون الدية في مال المدعَى عليه مخفَّفة صفةً وتأجيلاً إلاَّ أن تصدِّقه العاقلة، فيكون عليهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>