للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو سرق ما اشتراه من يد البائع؛ إما في زمان الخيار أو بعد انقطاع الخيار، لم يُقْطَع، ولو سرق معه مالاً آخر، فإن كان قبل توفير الثمن، وجب القطع، وإن كان بعد توفيره فوجهان:

أصحهما: المنع، كما سيذكر فيما إذا سَرَقَ من الدار المشتراة.

ولو وهب منْه شيء، فرقه بعد القَبُول وقبل القبض، والأصحُّ: أنه لا يُقْطَع بخلاف ما إذا أوصَى له بشَيْء، فسرقه قبل موت الموصي؛ لأن القبول لم يقترن بالوصية، وإن سرقه بعْد موت الموصي، وقبل القَبُول، فيَنبنِي (١) على أن المِلْك في الوصية بم يحْصُل، إنْ قُلْنا: يملكُ الوصيةَ بالمَوْت لم يُقْطع، وإلا، قطع، ولو أوصى بمالٍ للفقراء، فسرقه فقيرٌ بعْد موته، لم يُقْطع؛ كسرقة المال المشترك، وإن سرقه غنيٌّ قطع.

الثانية: إذا طرأ المُلْك في المسروق قَبْل إخراجه من الحِرْز؛ بأن ورثه السارق أو اشتراه أو انتهبه، وهو فيه، سقط القطع، وإن طرأ الملْك بعْد إخراجه من الحرز، لم يسقط القطْع؛ لكنه لو اتَّفَقَ ذلك قَبْل رفْع الأمر إلى الحاكم، لم يمكن استيفاء القطْع بناءً على أن استيفاء القطْع يتوقَّف على دعوَى المسْرُوق منْه ومطالبته بالمال على ما سيأتي، وبهذا قال مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: يسقط القَطْع.

واحتج الأصحاب بما رُويَ أن صفوانَ بْن أمية نَامَ في المَسْجِدِ فَتَوَسَّدَ ردَاءَهُ، فَجَاءَ سَارِقٌ، فَأَخَذَهُ مِنْ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَأَخَذَ صَفْوَانُ السَّارِقَ، وَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَمَرَ بِقَطْع يَدِهِ، فَقَالَ صَفْوَانُ: إِنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا، وَهُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، فَقَالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- "هَلاَّ كان قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ"، ولو كانت الهبة بعد السرقة تدفع القطْع، لَأَمَرَه بإتمامها، ودفع القطع، [وأيضاً، فالاعتبار] في العقوبات [بحالة] الجناية؛ ألا ترى أنه لو زَنَى بجارية، ثم ملكها، لم يَسْقُط الحدُّ.

الثالثة: لو انتقصت قيمةُ المسروق في الحِرْز؛ بأن أكل بعْضَه أو خَرَقه، وكان المُخْرجَ دون النصاب، لم يجب القطع، وإن كان النقصانُ بعْد الإخراج من الحِرْز لم يؤثِّر، واستوفى القطْع؛ خلافاً لأبي حنيفة فيما إذا كان النقصانُ بآفة سماوية.

ولو شق الثوب في الحِرْز أو ذبح الشاة فيه، ثم أخرج، فعليه ضمان النقصان، ثم إن كان المُخْرَج نصاباً، فعليه القْطع، وإلا فلا، وعند أبي حنيفة: لا قطع في الشاة إذا ذبحها ثم أخرجه بناءً على أنه لا قَطْع في اللحم والأشياء الرطبة؛ على ما سنذكره، وإن


(١) في ز: فيبني.

<<  <  ج: ص:  >  >>