للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي تجديد اليمين علَيْه وجهان (١):

أَحَدُهُمَا يجدِّد؛ لأن إثباتَ المَال بيمينِ المدَّعِي منْ غير نكولٍ بعيدٌ.

والثاني: وبه قال القاضي الحُسَيْنُ لا يجدد وكأن يمينه السابقة كانت موقوفةً على النكول لصَيْرُورَتِها حجَّةً ملزمةً للآجرة، وإن صدَّقْنا المالك، فإذا حلَف، فلا أجرةَ عليه، ويجبُ على الخيَّاط أرْشُ النقصان.

وحكى أبو الفرج السَّرْخَسِيُّ فيه وجهان، كما في وجوب الأُجْرَة، تفريعاً على القول الأول، والفَرْقُ على المشهور أن القطع موجب للضمان إلا أن يعارضه الإذن، وهُوَ غير موجب للأجْرَةِ إلاَّ إذا اقترنت بالإذن، ثم في الأرْش الواجِبِ وجْهَان:

أَحَدُهُمَا: ما بيْن قيمته صحيحاً ومقْطُوعاً؛ لأنَّهُ أثبت بيمينه أنَّه لم يأذَنْ في القطع.

والثاني: ما بيْنَ قيمته مقْطُوعاً قيمصاً، ومقْطُوعاً قِبَاءً؛ لأن أصْلَ القطْع مأذونٌ فيه (٢)، وعلى هذا، فلو لم يكنْ بينهما تفاوتٌ، أو كان مقطُوعاً قِبَاءً أكثر قيمةً، فلا شيءَ عليه.

وذكر الشيخ أبو محمَّد؛ أنه الوجهَيْن ينبنيان على أصلَيْن:

أحدهما: القْولاَنِ فيما إذا اكْتَرَى أرْضَاً ليزرعها حنْطةً، فزرَعَها ذُرَةً، ففي قولٍ: عليه أجرة المثل، ويعرض عنْ عقْد الإِجارة، فعلَى هذا يغرَّم هاهنا جميع النقص، ويعرض عن أصل الإذْنِ.

والثاني: يغرم تفاوت ما بيْن الزَّرْعَيْن، فههنا يغرم تفاوُتَ ما بين القطْعَيْن.

والثاني: الخلافُ في أنه الوكيلَ، إذا باع ماله بالغبن الفاحِشِ يغرَّمُ جميع قدر الغبن، أو يحط عنه ما يتغابَنُ الناس به؛ لأنه كالمأذُون فيه.

وإذا قلْنا: إنَّه يغرَّم تفاوت ما بيْن القطعَيْن، فهل يستحقُّ الأجرة للقَدْر الذي يصْلُح للقميص في القَطْع؟

فيه وجهان: عن ابن أبي هُرَيْرة: نعم، وبه أجاب صاحب "التهذيب"، وضعَّفه ابْنُ الصباغ؛ لأنَّهُ لم يقْطَعْهُ للقَمِيصِ (٣)، وإذا قلنَا يتحالَفَانِ، فإذا حلَفَا، فلا أجرةَ للخُياط، وفي وجوب أرْشِ النقْص للمالك قولان في "الإملاء" أنَّهُ يَجِبُ؛ لأنهما إذا


(١) قال النووي: ينبغي أن يكون أصحهما التجديد.
(٢) صحح الأول الإمام وغيره وقال الاسنوي إنه الأصح وصحح الثاني جمع واختاره السبكي. وقال: لا يتجه غيره وقال الخطيب: فهذا هو المعتمد.
(٣) قال النووي: المنع أصح، ونقله صاحب "البيان" عن نص الشَّافعي رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>