مدةً طويلةً، ثم عاد أو لم يكن كذلك بأن لم ينقطع أو انقطع مدة يسيرة.
أَمَّا في الحالة الأُولَى: ففيها ثلاثةُ أقْوَالٍ:
أصحها: وبه قال أبو حنيفة: أن اللبن للأَول؛ لأن اللبن تَبَعٌ للولد وغذاؤه لا غذاء الحمل، فيتبع الولد المنفصل دون الحمل.
والثاني: أنه للثاني؛ لأن الأول قد انقطع، وقُرْبُ وقْتِ الولادة سبب لظهور اللبن؛ فأشبه اللبن النازل بعد الولادة، وقد يُبْنَى هذان القولان عَلَى قول تقابل الأَصْل والظاهر.
والثالث: أنه لهما جميعاً، لتقابل المعْنَيَيْنِ.
وأَما فيٍ الحالة الثانية: إِن لم يزد اللبن، فهو للأَوَّل؛ لأن بقاءه بحالِهِ يُشْعِر بأن الحمل لم يُؤَثِّر، وإن زاد عَلَى ما كان، فقولان:
أحَدُهما: وبه قال أحمد -رحمه الله-: لهما جميعاً؛ لأن بعْض الحاصل هو الذي كان، وبعْضه حادِثٌ لم يكن، فيحال على الحمل، ويشتركان فيه.
وأَصحُّهما: ويه قال أبو حنيفة: أنه للأوَّل، أيضاً؛ لأن كون الزيادة من الحَمْل غير مُتحقَّق، بل كما يجوز ذلك يجوزُ أن يكُونَ لغذاءٍ مُوافِقٍ، فلا نترك اليقين بالشَّك، وينسب هذا القول إلى الجديد، والأول إلى القديم، ومنهم مَنْ لم يُفَرِّق بين أن يزيد اللبن أو لا يزيد، وطرد القولَيْن، فيحصل من الطريقين ثلاثةُ أقوالٍ، كما ذكر في "الوسيط":
أحدهما: أنه لهما، والثاني: أنَّه للأوَّل، والثالث: أنَّه إنْ زاد، فهو لهما، وإلاَّ، فلِلأوَّل، ويتفرع على الاختلاف في المسألة. فُرُوع:
أَحَدُها: لو نزل للبكر لبَنٌ، ونكحت، فهي ذاتُ لَبَنٍ ثم حبلت من الزَّوْج، فحيْث
قلنا: في المسألة: إن اللبن للثَّانِي أوْ لَهُما، فهاهنا يكون للزوج، وحيث قلنا] إنه يكون للأول، فهو للمرأة وحْدها, ولا أَبَ للرَّضِيع.
[والثاني: إِن حبلت من الزنا، وهي ذات لَبَنٍ من الزوج، فحيث قلْنا هناك: إن اللبن للأول أو لهما، فهو للزوج، وحيث قلْنا: إنه للثاني، فلا أب للرضيع، والثالث: نُكِحَتْ، ولا لبن لها، فحبلت، ونزل لها لبن، قال في "التتمة" في ثبوت الحرمة بين الرضيع والزوج وجْهان؛ بِنَاءً على الخِلاَف المذكور، إِن جعلْنا اللبن للأوَّل، لم نجْعَل الحمْل مُؤَثِّراً، فلا يثبت الحُرْمة حتى ينفصل الوَلَد، وإنْ جعلْناه للثاني أَوْلهما، تثبت الحرمة، وأَما لفظ الكتاب فقوله "ولو بعد عشر سنين" أعلم بالواو؛ للوجْه المقدَّر بالأربع.