للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا وصل أحدهما، ثمَّ فَارقَهُ، يجوز له مواصلة الثاني، فقد سكت عنهما، ويجوز أن يعلم قوله "أيهما شاء" بالواو؛ لقول مَنْ قال: إنه يواصل أحدهما بالاجتهاد.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ كَانَ لَبَنُ المُطَلَّقَةِ دَارّاً فَرَضِيعُهَا ابْنُ المُطَلَّقِ وَلَوْ بَعْدَ عَشَرْ سِنِينَ إِلَى أَنْ تَضَعَ حَمْلاً مِنْ وَطْءِ غَيْرِهِ فَإِذْ ذَاكَ يَنْقَطِعُ نَسَبُ اللَّبَنِ عَنْهُ، أَمَّا فِي مُدَّةِ الحَمْلِ فَاللَّبَنُ لِلثَّانِي عَلَى وَجْهٍ، وَلِلأَوَّلِ عَلَى وَجْهٍ، وَلَهُمَا عَلَى وَجْهٍ وَهَذَا الحُكْمُ لَوْ كَانَ قَدِ انْقَطَعَ ثُمَّ عَادَ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَنْقَطِعْ فَهُوَ لِلأَوَّلِ عَلَى وَجْهٍ، وَلَهُمَا عَلَى وَجهٍ، وَلاَ صَائِرَ إِلَى تَخْصِيصِهِ بِالثَّانِي.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا طلَّق امرأته أو مات عَنْها ولَهَا منْه لَبَنٌ فأرضَعَتْ به صغيراً قَبْل أن تنكح زوجاً آخَرَ، وتحمل من غيره، فالرضيع ابْنُ الَّذِي طلَّق أو مات، كما هو ابنها، ولا تنقطع نسبةُ اللَّبَن عنه بموته، ولا فرق بيْن أن يرتضع في مدَّة العدَّة أو بعْدها, ولا بين [أن تقصر المدَّة أو تَطُول كعشر سنين مثلاً، ولا بَيْن] (١) أن ينقطع اللبن ثم يَعُود أو لا ينقطع؛ لأنَّه لم يَحْدُث ما يُحَال اللبن عليه، فهو على استمراره منْسوبٌ إليه، وفي وجْهٍ: إن انقطع ثم عاد بعْد ما مضى أربع سنين من وقْت الطلاق، لم يكُنْ منسوبًا إليه، كما لو أتت بولد بعْد هذه المدة لا يلحقه. هكذا خصَّص في "التهذيب" هذا الوجْه بما إذا انقطع وعاد، ومنهم من يُشْعِر إيراده باطِّرَاده في صورة استمرار اللبن (٢)، وإن نكحت بعْد مضي مدة العدة زوجاً آخر، وولدت منه، فاللبن بعد الولادة للثاني، سواءٌ انقطع وعاد، أو لم ينقطع؛ لأنَّ اللبن تَبَعُ الوَلَدِ، والوَلَدُ للثاني، فكذلك اللبن، وعن أحْمد: أنه يكون لهما جميعاً، وأمَّا قبل الولادة مِنَ الزَّوْج الثاني، فإن لَمْ يُصِبْها أو أصابها, ولم تحْبَل أو حبلت، ولم يدْخُل وقْت حدوث اللَّبَن لهذا العمل، فاللبن للأوَّل، سواءٌ زاد على ما كان أو لَمْ يَزدْ، وسواءٌ انقطع وعاد، أو لم يَنْقَطِع، ويقال: إن مدة يَحْدُث فيها اللَّبَن للحمل أربعون (٣) يوماً، وإن دخل وقْت حدوث اللبن للحمل، فإما أن ينقطع اللبن


(١) سقط من: أ.
(٢) وما قاله البغوي جرى عليه في الكافي، واستحسنه ابن الرفعة لأنَّه مع الدوام شيء واحد ولا كذلك إذا انقطع فإن احتمال حدوثه من غير جهة الأول ممكن ولا ظاهر ينافيه.
(٣) وهذا قاله القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والبندنيجي وسليم وغيرهم بلفظ يقال، وقال الماوردي: إنه لا يحدث اللبن إلا عند الحاحة إليه، وذلك في زمان يستكمل خلقه الحمل، ويجوز أن يولد فيه حياً، والشافعي في الأم مثل الحالة الذي يقول أهل الخبرة فيها إنه يحدث بسبب الحمل بالثامن من شهورها والتاسع منها، وقال الجرجاني في الثاني اللبن إنما ينسب إلى الولادة في الوقت الذي يتغذى فيه وقيل الولادة من الزوج الثاني لا يوجد ذلك فإن الجنين ليس يتغذى به. انتهى ويجتمع من ذلك في المسألة أوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>