للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأرضعَتْها أُمُّه من الرضاع أو النسب خمْسَ رضعات، انفسخ النكاح؛ لأنها [صارت بنْتاً لها، وكذا لو أرضعتها جَدَّتُه من الرضاع أو النسب؛ لأنها] (١) صارت خالةً له إن أرضعَتْها أم أُمِّه أو عمة [له] إن أرضعتها أُمُّ أبيه، وكذا لو أرضعتها بنته من الرضاع أو النسب؛ لأنها تَصِير حافدته، ولو أرضعتها زوجة أبيه بلَبَنِ أبيه، أو زوجة ابنه أو زوجة اْخيه بلبن أخيه، فكذلك؛ لأنها تصير أختاً له في الصورة الأُولى وحافدة في الثانية، وبنت أخٍ في الثالثة، وإن كان اللبن من غير الأب أو الابن أو الأخ [لَمْ يُؤَثِّر؛ لأن غايته أن تفسير ربيبة الأوَّل أو الابن أو الأخ] (٢) ولا يَحْرُم على الرجل أن ينكح ربيبة أبيه أو ابنه أو أخيه، ولو أرضعتْها زوجة أُخْرَى له كبيرة بلبنه، فكذلك ينفسخ النكاح، وتثبت الحُرْمة؛ لأنها صارت بنتاً له، وإن كان اللَّبَن مِنْ غيره، فسيأتي، وإِنما كان الرضاع في هذه الصورة قاطعاً للنكاح؛ لأن ما يُوجب الحُرْمَةَ المُؤَبَّدة، كما يمنع ابتداء النِّكَاح يمنع استدامته؛ ألا ترى أنَّه إذا وَطِئَ الابْنُ زوجةَ أبيه بشبهة، ينفسخ النكاح، وتَحْرُم عليه، وتخرج على هذا العدَّةُ والردَّةُ الطارئتان فإنهما لا يوجبان التحريم المؤبَّد.

إذا تقرَّر ذلك، فالصغيرة التي انفسخ نِكَاحُها تَسْتحق على الزَّوجْ نصْفَ المسمَّى، إن كان صحيحاً، ونصْفَ مهْرِ المثل، إنَّ كان فاسداً نعم، لو جاء الانفساخ مِنْ قِبَلِها؛ بأن دَبَّتْ إلى صاحبة اللبن، وهي نائمةٌ، فارتضعت، فالظاهر أنَّهَا لا تستحقُّ شيئاً، وسنذكره على الأثر إن شاء الله تعالى، ويجب على المُرْضِعة الغُرْم للزَّوْج؛ لأن البُضْعَ مضمون بالعَقْد في الخُلْع، فكذلك يضمن بالإتلاف كالأموال، ولا فَرْق بين أن تَقْصِد بالإرْضَاع فسْخَ النكاح أوْ لا تقصده، ولا بأنْ يجب عليها الإرْضاع بأنْ لا يكونَ هناك مرضِعَةٌ أُخرَى أَوْ لاَ يجب؛ لأن غرامة الإتلاف لاَ تَخْتَلِف بهذه الأَسباب، وبهذا قال أَحْمَدُ، وعَنْ مالك: لا يجب الغُرْم على المرضِعَة، وعند أَبي حنيفة: لا غرم عليها، إن لم تقصد فَسْخ النكاح، وعَنِ الشَّيْخ أَبِي حامدٍ: احْتمالُ أَنَّهُ لا غرم عليها، إِذا لزمها الإرضاع، وما الغُرْم الواجب على المُرضِعَة؟ نَصَّ هاهنا عَلَى أن الوَاجِب نصْفُ مَهْر الَمِثْل، وإِذا رجع شهود الطَّلاق قَبْل الدخول، فالنصُّ أَنَّه يجِب عليهم جميعُ مَهْر المثل، وللأَصْحَاب فيه طريقان:

أحدهما: وبه قال الإِصطخري: أَنهما على قولَيْن نقلاً وتخريجاً:

وجه وجوب الجميع: أنَّ قيمةَ الْبضَعْ مهْرُ المِثْل، وإِتْلاف الشَّيْء المتقوَّم يوجب قيمته، ووجْه الآخر: أن الزوج لا يُغَرَّم إلا النِّصْف، فلا يُغرم إلا النِّصْف؛ وهذا لأن الفرقة إِذا حصَلَتْ قبل الدخول، جُعِلَ كأن الزوج لا يَمْلِك إلا نصْف المعقود عليه،


(١) سقط من: ز.
(٢) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>