للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداها: الأولى: إذا نَكَحَ السَّفِيْهُ بغير إذنِ الولي بَطَلَ النِّكَاحُ، ويفرق بينهما (١)، فَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بها فَلاَ حَدَّ لِلشُّبْهَةِ، وفي الْمَهْرِ أَوْجُهٌ:

أصحها: أنه لا يجب كما لو بِيْعَ منه شيءٌ فأتلفه، وهذا؛ لأن مُعَاقَدَتَهُ والتسليم إليه تسليط له على التصرف في الإتلاف، وفي هذا إِشْكَالٌ من جهة أن الْمَهْرَ حَقُّ الزوجة، وقد تزوج وَلاَ شُعُورَ لَهَ بحالَ الزَّوْجِ، فكيف يبطل حَقُّها.

والثاني: يَجِبُ مهر المثل؛ لأن تَعُرِيَةَ الوطء عن الحد والمهر جميعاً، لا سبيل إليه.

والثالث: يجب أقل ما يتمول رعاية لحق السَّفِيهِ، ووفاءً لحق التعبد إِذْ بِهِ يتميز عن السَّفَاحِ.

الثانية: ذكر الأكثرون أنَّهُ يُشْتَرَطُ في نكاح السَّفِيهِ حاجته إليه، وإلاَّ ففيه إتلافُ مَالِهِ، فيما لا يحتاج إليه، وبنوا على هذا أنه لا يُزَوَّجُ منه إلاَّ واحدة، كما مَرَّ في المجنون.

قالوا: والحاجة إلى النِّكَاحِ بأن تغلب شهوته، ويلحق به ما إذا احتاج إلى من تخدمه ولم تقم بخدمته محرم، وكانت مَؤُنَةُ الزَّوْجَةِ أَخَفَّ من ثمن جارية، ومؤنها ولم يكتفوا في الحاجة يقول السفيه لأنه قد يقصد إتلاف المال، بل اعتبر ظهور الأمارات الدالة على غلبة الشَّهْوَةِ.

وروى الإِمَامُ وَجْهاً: أنه يجوز التزويج منه بِالْمَصْلَحَةِ كالصَّبِيِّ؛ لأن العاقل لا يبعد أن تحنكهَ التجارب بخلاف المجنون، فَإِنَّ إِفَاقَتَهُ بعِيْدَةٌ، ولم يعتبر ظهور أمارات الشهوة، واكتفى فيها يقول السفيه وتابعه صاحب "الكِتَابِ" فيما ذكره، ولك كَلِمَاتٌ:

إحداها: لو اعتبرت الحاجة في نِكَاحِهِ لما اعتبر إذنه كالمجنون كما لو عرف جوعه فإنه يطعم، وإن لم يطلب الطعام لخبله.

الثانية: إذا اعتبرنا إذنه ومراجعته، وجب أن يكتفي بقوله: ولا يعتبر ظُهُورُ الأمارات؛ لأنه صحيح العبارة في الجملة فصار كالمرأة إذا التمست التزويج.

الثالثة: في التزويج لغرض الخدمة إشكال سبق، ثم قضيته أن تجوز الزِّيَادَةُ على وَاحِدَةٍ إذا لَمْ تَكْفِ واحدة للخدمة.

إذا تقرر ذلك فإذا التمس السفيه النِّكَاحَ مع ظُهُورِ أَمَارَةِ الْحَاجَةِ إن اعتبرناه، أو


(١) ومحله كما قالي ابن الرفعة: إذا لم ينته إلى خوف العنت وإلا فيصح نكاحه وهو أولى من المرأة في المفازة لا تجد ولياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>