للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في التَّصَرُّفِ في مَال المَصَالِحِ، فَيُدْفَعُ إلَيْهِ أمْ يفرقه الأمينُ بنَفْسِهِ [إلى المَصالِح]؟ فيه وجْهَانِ (١)، وعلَى الثَّاني وُقُوفُ المَسَاجِدِ في القُرَى يَصْرِفُها صلحاءُ القريةِ إلَى عِمَارةِ المَسْجِدِ ومصالِحِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ في يَدِ أَمِينٍ، وَدُفِعَ إلَيْه ليفرِّقه.

وحَكَى أَبُو الفَرَجِ الزاز وجْهاً آخَرَ، وَهُوَ: أنَّه لا يُفَرِّقُ، بَلْ يُوقَفُ إلَى أنْ يَظْهَرَ بيْتُ المَالِ، ومن يَقُومُ له بشَرْطِهِ، وإذَا قُلْنَا بالصَّرْفِ إلَى ذَوِي الأرحامِ، فَقَدْ رَوَى القاضي ابْنُ كجٍّ وجْهًا أنَّه يُصْرَفُ إلى الفُقَرَاءِ مِنْهُمْ، ويقدَّمُ الأحْوَجُ فالأحْوَجُ؛ جَمْعًا بَيْنَ المذهبَيْنِ بقَدْرِ الإمْكَانِ.

والمَشْهُورُ أنَّه يُصْرَفُ [إلَى جَمِيعِهِمْ، ثُم هُوَ إرْثٌ أمْ شيءٌ على سبيل المصلحة؟ أَشْبَهُهُما بأصْلِ المذْهَب: أنَّه عَلَى سبيلِ المصْلَحةِ، وهَذَا ما اختاره القاضي الرُّويانيُّ، وَذَكَر أنَّه يصْرَفُ] (٢) إليَهم، إنْ كانُوا محتاجين، أو إلَى غيرِهِ مِنْ أنْواعَ المصالِح، فإنْ خِيفَ على المالِ مِنْ حَاكِم الزَّمان، صُرِفَ إلَى الأصْلَح بقَوْل مُفْتِي البَلْدةِ (٣)، وأَطْلَقَ صاحبُ "التهذيب" أنَّ شَيْخهُ القاضِيَ، حُسَيْنَ كانَ يُفْتِي بتوْرِيثِ ذَوِي الأرْحَامِ، وهَذَا يجوزُ أنْ يراد بهِ عند فَسَادِ بيْتِ المَالِ، ويَجُوزُ أنْ يكُونَ مطْلقًا كَمَا حكَاهُ عن المُزَنِيِّ وابْنِ سُرَيْجٍ.

وإنْ حَكَمْنا بأنَّهُمْ يورثونهم، ويثبتُون الرَّدَّ، فلا بُدَّ من معْرفةِ كيفِيَّةِ الأمْرَيْنِ، والخَطْبُ في بيانها لَيْسَ بِهَيِّنٍ، ولا يَلِيقُ به هذَا الموْضِعُ، فتورِدُهُ في جملةِ أبْوابٍ، نأتي بها بَعْدَ الفراغِ مِنْ شَرْحِ مسائِلِ الكِتابِ، إن شاءَ الله تعالَى.

قال الغَزَالِيُّ: فَنَذْكُرُ الآنَ قَدْرَ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الوُرَّاثِ (أَمَّا الزَّوْجُ) فَلَهُ النِّصْفُ، فَإنْ كانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ وارِثْ فَلَهُ الرُّبْعُ (وأَمَّا الزَّوْجَةُ) فَلَهَا الرُّبْعُ، فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ وَارثٌ فَلَهَا الثُّمُنُ، فَإنْ كُنَّ جَمَاعَةً اشْتَرَكْنَ فِي الرُّبُعِ أَوِ الثُّمُنِ، وَلا يَزِيدُ حقَّهُنَّ.


(١) وحكى النووي في هذا أوجه ولم يحك المصنف هنا إلا وجهين، ووجه التوقف إنما ذكره بعد ذكر الحالة الأخرى وهي ما إذا لم يكن الذي بيده المال أميناً، فيحتمل أن يكون مراد الرافعي به أن القاضي يتوقف في هذه الحالة وأن الأمير والقاضي يتوقفان في الحالين.
(٢) سقط من: د.
(٣) قال النووي [: الصحيح الذي عليه جمهور من قال من أصحابنا بتوريث ذوي الأرحام: إنه يصرف إلى جميعهم على سبيل الميراث، على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى في الباب الثامن في كيفية توربثهم والردّ].

<<  <  ج: ص:  >  >>