للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أحمد: يُؤْخَذُ من كل واحد منهما قَفِيزٌ ودرهم، ويذكر أن الحَاصِلَ من أرض "العراق" في عَهْدِ عمر -رضي الله عنه- كان مائة ألف ألف وسبعة وثلاثين ألف ألف درهم.

وقيل: مائة ألف ألف وستين ألف ألف، ثم كان يَتَنَاقَصُ حَتَّى عاد في زَمَانِ الحَجَّاجِ إلى ثمانية عشر ألف ألف دِرهَمٍ، فلما وَليَ عُمَرُ بْنُ عبد العزيز -رضي الله عنه- ارْتَفَعَ في السَّنَةِ الأولى إلى ثلاثين ألف ألف دِرهَمٍ، وفي الثانية إلى ستين أَلْفَ ألف.

وقيل: فوق ذلك فقال: إن عِشْتُ [لَأَبْلُغَنَّ] (١) إلى ما كان في عَهْدِ عُمَرَ بن الخَطَّابِ -رضي الله عنه- فمات في تلك السَّنَةِ -رضي الله عنه-.

المسألة الثانية مَكَّة شَرَّفَهَا الله -تعالى- فتحت صُلْحًا.

وقال أبو حَنيفَةَ ومالك: فتحت عَنْوَةً.

واحتج الأصحاب بقوله تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} إلى قوله تعالى: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} [الفتح: ٢١].

قيل: التي عَجَّلَ لهم غَنَائِمُ "خيبر" والتي لم يقْدِرُوا عليها غَنَائِمُ "مكة"، والمعنى لم تَقْدِرُوا عليها بالقَهْرِ، وفي قِصَّةِ فتح "مكة" بأن أبا سفيان طلب الأَمَانَ لأهل "مكة" فَعَقَدَ الأَمَانَ لهم رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وهم بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فقال: "مَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ [ومن ألقى سلاحه فهو آمن] (٢) وَمَنْ أَغلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ" (٣) واستثنى رِجَالًا مَخْصُوصِينَ أمر بقتلهم، وأيضاً فإنه لم يقتل، ولم يسب، ولا قَسَّمَ عَقَارًا، ولا منقولاً، ولو فتحت عَنْوَةً لكان الأَمْرُ بخلافه.

وقال صاحب "الحاوي": عندي أن أَسْفَلَ "مَكَّةَ" دخلها خالد بن الوَلِيدِ عَنْوَةً، وأَعْلاَهَا دخل الزبير بن العَوَّامِ -رضي الله عنه- صلحًا ودخل النبي -صلى الله عليه وسلم- من جهة الزبير، فصار حُكْمُ جهته الأَغْلَبَ، ولم يغلب أسفل "مكة"؛ لأن القِتَالَ كان على جِبَالِهَا ولم يكن فيها.

وقد يعلل أبو حنيفة امْتِنَاعَ النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قِسْمَةِ العَقَارَاتِ بأنها خلقت حرة ويقول: لا يجوز [بيع] (٤) دور "مكة". وعندنا: دُورُهَا وعِرَاصُهَا المحياة مَمْلُوكَةٌ، كما


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) أخرجه مسلم (٣/ ١٤٠٧) كتاب الجهاد: باب فتح مكة حديث (٨٦/ ١٧٨٠).
(٤) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>