للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصاعداً فعليه لكل حول شاة بلا خلاف؛ لأنه مضى على نصاب كامل وإن لم يحدث شيء، وهذه الحالة هي المقصودة في الكتاب، فلا خلاف في لزوم الشاة للحول الأول، وهل تجب شاة للحول الثاني؟ فإن قلنا: الزَّكَاة تجب في الذمة وكان يملك غير النصاب ما يفي بشاة فنعم وإن لم يملك سوى النصاب شيئاً فينبني ذلك على أن الدَّيْن هل يمنع الزكاة أم لا؟ إن قلنا: يمنع لم يجب الحول الثَّاني شيء؛ لأن واجب الحول الأول دين في ذمته، وإن قلنا: الزَّكَاة تتعلق بالعَيْن على سبيل الشَّركة لم يجب للحول الثاني شيء؛ لأن أهل السّهمان ملكوا واحدة منها للحول الأول فانتقص النِّصاب.

قال القاضي ابن كج وإمام الحرمين: وإنما لم تجب زكاة الخلطة؛ لأن الزكاة غير واجبة على أهل السّهْمَان فيما استحقوه، فالاختلاط معهم كهو مع المكاتب والذمي.

وإن فرعنا على أن تعلّق الزكاة كتعلّق الرَّهْن أو كتعلّق الأَرْش فقد قال الإمام هو كالتفريع على قول الذِّمَّة وكلام الكتاب ينزل على التَّفْريع على القول الآخر، فإنه وعد في الفصل السابق بأنه عليه يفرع التفريع، ورأيت كلام الصيدلاني في التفريع على القول الآخر بخلاف ما ذكراه فإنه قال: إذا قلنا: إنها متعلقة بالعَيْن فيجب في العام الأول شاة وبعد ذلك لا يجب؛ لأن النصاب ناقص سواء جعلنا تعلقه بالعَيْن للاستيفاء كالجناية أو على معنى الشركة، وقياس المذهب ما ذكراه نعم يجوز أن يفرض خلاف في وجوب الزَّكَاة من جهة تسلّط الغير عليه، وإن قلنا: الدين لا يمنع الزَّكَاة على ما قَدَّمْنا نظائره، وبتقدير أن يكون كذلك فلا يختَصُّ بالقول الأخير بل يجري على قول الرَّهْن والذمة أيضاً ولو ملك خمساً وعشرين من الإبل ومضى عليها حولان، ولا نتاج فإن قلنا: الزكاة تتعلّق بالذمة، وقلنا: الدين لا يمنع الزَّكَاة أو كان له ما بقى بالواجب فعليه بنتاً مَخَاض، وإن قلنا بالشركية فعليه للحول الأول بنت مخاض وللثاني أربع شياة، وتفريع القولين الآخرين على قياس ما سبق، ولو ملك خمساً من الإبل، ومضى عبيه حولان بلا نتاج، فالحكم كما في الصُّوَرَتَيْن السَّابقتين، نعم قد ذكرنا أنَّ من الأصحاب مَنْ لا يثبت قول الشَّركة فيما إذا كان الواجب من غير جنس الأصل، فعلى هذا يكون الحكم في هذه الصورة مطلقاً كما في الأوليين تفريعاً على قول الذمة.

والظاهر وهو اختيار المزني: أنه لا فرق بين أن يكون الواجب من جنس المال أو لا من جنسه، ولهذا يجوز للسَّاعي أَنْ يبيع جزءاً من الإبل في الشَّاة، فدل ذلك على تعلّق الحق بعينها، وإذا تعلّق بعينها فكما يجوز أن يملك أهل السّهمان قدر الزَّكَاة إذا كان من جنس المال يجوز أن يملكوه إذا كان من غير الجنس.

قال الغزالي: وَلَوْ رُهِنَ مالُ الزَّكَاةِ صَحَّ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الحَوْلِ وَقُلْنَا: الدَّيْنُ مَعَ الرَّهْنِ لاَ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ أُخْرِجَتِ الزَّكَاةُ مِنْ عَيْنِ المَرْهُونِ عَلَى الأَصَحِّ تَقْدِيماً لِحَقِّ الزَّكَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>