للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: ينقسم إلى ما يرفعه أصلاً، إلى غيره.

والأول: ينقسم إلى ما لا ينتظم لفظًا، فيلغوا، وإلى ما ينتظم، فإِن كان مفصولاً لم يقبل، وإن كان موصولاً، ففيه خلاف والثاني إن كان مفصولاً لا يقبل أيضًا، وإن كان وصولاً ففيه خلاف بالترتيب هذا عقد الباب، وإذا مرت بك مسائله عرفت أن كل واحدة من أي قبيل هي؟ وأما الاستثناء، فسيأتي حكمه. فمن المسائل إذا قال: لفلان عليَّ من ثمن خَمْرِ أو كَلْبٍ، أو خِنْزِيرٍ، نظر إن وقع قوله: من ثمن خمر منفصلاً عن قوله: عليَّ ألف لم يقبل ولزمه الألف، وإن كان موصولاً، ففيه قولان:

أحدهما وهو اختيار المُزَنِيِّ وأبِي إِسْحَاق: أنه يقبل، ولا يلزمه شيء؛ لأن الكل كلام واحد، فيعتبر بآخره، ولا يتبعض ولأن الإقرار إخبار عما جرى، وهذه المعاملات


= بالوسائط الموضوعة له نحو: قام القوم، وأسْتَثني زيدًا، وخرجوا ولم يخرج زيد.
تنبيه
الإخراج إنما يأتي على قول من يجعله عاملاً بطريق المعارضة، إذ الإخراج لا يتحقق إلا بعد الدخول، وأما على قول من يجعله مبنيًا فلا إخراج عنه، كما سنبيّنه.
وحدّه ابن عَمْرون من النحاة بأن ينفي عن الثاني ما يثبت لغيره بإلا أو كلمة تقوم مقامها، فيشمل أنواع الاستثناء: من متصل، ومنقطع، ومفرد، وجملة، وتام، ومفرغ، وخرج الوصف بإلا أو غيرها، وذكر ابن الحاجب أن المتصل والمنقطع لا يمكن تحديده بعد واحد على القول بالأشتراك والمجاز لتغاير حقيقتهما، إذ الأول حقيقة، والثاني مجاز. وجمعهما ابن مالك في حد واحد، فقال: تحقيقًا أو تقديرًا. وقد يقال: هو قوة حدّين.
وذكر إمام الحرمين في باب الإقرار من "النهاية" أن الفقهاء يسمون تعليق الألفاظ بمشيئة الله استثناء في مثل قول القائل: أنت طالق، وأنت حر إن شاء الله. وفي "المحيط" للحنفية يسمى الاستثناء بإلا وأخواتها استثناء التحصيل، وبمشيئة الله استثناء التعطيل.
قال الخفاف: الاستثناء ضد التوكيد، يُثبت المجاز ويحققه، وصرح النحاة بأن اللفظ قبل الاستثناء يحتمل المجاز، فهذا جاء الاستثناء رفع المجاز وقرره، فاللفظ قبل الاستثناء ظني، وبعده قطعي، وهذا معاكس لقول الحنفية، فإنهم عَدُّوا الاستثناء من المخصصات، وعندهم أن العام قبل التخصيص قطعي، وبعده ظني.
قيل: ولا منافاة بينهما. لأن احتمال التجوز قبل التخصيص ثابت، وبعد التخصيص كذلك، إلا أن الاستثناء يقرر المجاز في إخراج شيء، ويحقق أن المراد ما بقي تحقيقًا ظاهرًا لا يخالف ما لم تأت قرينة، كما قبل الاستثناء، إلا أن القرينة قبله يشترط فيها القوة.
وهل الإخراج من الاسم أو الحكم أو منهما؟ أقوال، أصحها الثالث، وهو مذهب سيبويه. وهل هو إخراج من اللفظ ما لولاه لوجب دخوله أو لجاز؟ فيه قولان، رجح سليم في "التقريب" الأول. قال: وإلا لم يفترق الحال بين الاستثناء من الجنس وغيره، فلما فرق بينهما، وجعل من الجنس حقيقة ومن غيره مجازًا، ثبت ما قلنا. ينظر البحر المحيط ٣/ ٢٧٥، ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>