للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أظهرهما: وهو جواب ابن الحَدَّاد: أن رقبته تدْخُل في الوصيَّة؛ لأنها من جملة أمواله.

والثاني: لا تدْخل؛ لأن قوله: "أوصَيْتُ لك بثلث أموالي" يُشْعِر بالمغايرة بين الموصَى به، وبَيْن الموصَى له، وبأن المراد ما سِوَى رقبته، فعلَى هذا؛ لا يعتق منه شيء، والوصيةُ له وصيةٌ للعبد بغير رقبته، وعلى الأول الحكْمُ كما لو قال: أوصيتُ له بثُلُثِ رقبته، وبِثُلُثِ سائر أموالي، وقد بيَّنَّاه، هكذا ذكر [هـ] الشيخ أبو عليٍّ.

وفي "التهذيب" وجهٌ آخرُ؛ وهو أن تجمع الوصية في رقبته، فإنْ خرج كلُّه من الثلث، عَتَقَ، وإن كان الثلث أكثر من قيمة رقبته، صُرِفَ الفضْلُ إليه، وإن لم يخرُجْ كلُّه من الثُّلُث، عَتَقَ منْه بقَدْر ما يخْرُجُ (١)، وإِنِ أوصَى له بعين مال، أو قال: أعطُوهُ من مالي كذا، فإن مات، وهو مِلْكُه، فالوصيةُ للورثة، وإن باعه الموصي، فهو للمشتري، وإن أعتقه، فهو للعتيق (٢).

ولو أوصَى له بثُلُث جميع أمواله، وشرط (٣) تقديم رقبته، عَتَقَ جميعُهُ، ودُفِعَ إلَيْه ما يتم به الثُّلُث.

ويجوز أن يُوصِىَ الإنسان لأمِّ ولده؛ لأنَّها حرةٌ بعْد موته، ثم هِيَ تَعْتِقُ من رأس المال، والوصيةُ تُعْتَبَرُ من الثلث، وكذا المكاتَبُ؛ لأنه مستقلٌّ بالملك، ثم لو عَجَزَ ورَقَّ، صارت الوصيةُ للورثة، وكذا المدَبَّر، والعِتق والوصيةُ معتبران من الثلث، فإن وَقَّى بهما، عَتَقَ [ونَفَدَتِ الوصيَّةُ، وإن لم يف الثلث بالمدبَّر، عَتَقَ منه] (٤) بقَدْر الثلث،


(١) وفي البحر في آخر باب الكتابة لو أوصى لعبده بثلث ماله. قال بعض أصحابنا بخراسان فيه ثلاثة أوجه: أحدها لا يصح، والثاني: يصح بثلثه، والثالث: يصح بجميع ثلثه ويقدم نفسه عليه. انتهى. وقال الصميري في الإيضاح: لو أوصى لحبده بثلث ماله سئل الوارث عنه، فإن قال رقبته دخلت في الثلث فقد عتق ثلثه وإن قال: إنَّما أردت ثلث ما سوى رقبته فالوصية باطلة لأن الظاهر أن الموصى به عين الموصى له وحينئذ فيجمع خمسة أوجه.
(٢) وما جزم به في صورة البيع جزم صاحب البحر بخلافه فقال: لو أوصى لعبد نفسه لا يصح لأن العبد لا يملك شيئاً وما يوصى به يكون لسيده، ولو أوصى به ثم باعه من رجل ثم مات الموصي لم يصح أيضاً لأن الوصية لم تنعقد لعبد نفسه أصلاً. انتهى وقد نقله عنه في الكفاية. ثم قال وفيه نظر من وجهين:
أحدهما: أن البندنيجي قال في الوصية لعبد نفسه وصية لعبد وارثه في الحقيقة لأنه يكون لوارثه بعد الموت، فأي فرق بينهما. والثاني: أن الرافعي حكى عنه في الركن الرابع من القسامة أنه لو أوصى لعبد نفسه ثم أعتق قبل أن يموت تصح الوصية والبيع من الأجنبي كالعتق.
(٣) في أ: بشرط.
(٤) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>