للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه يُقْرَعُ كما لو أَعْتَقَهُمَا معاً، وهذا لأن مَعْرِفَةَ السَّبْقِ من غير أن يُعْرَفَ السَّابق، لا تَنْفَعُ شيئاً.

والثاني: أنه يُعْتَقُ من كل واحد نِصْفُهُ؛ لأنا لو أقرعنا (١)، لم نَأْمَنْ خروج الرِّقِّ على السابق، فللسابق حَقُّ الحُرِّيَّةِ، فيلزم منه إِرْقَاقُ حُرٍّ، وتَحْرِيرُ رَقِيقٍ، وأيضاً فلو أَوْصَى لهذا بثلث مَالِهِ، ولهذا بِثُلُثِهِ، ولم يُجِزِ الوَرَثَةُ، يُجْعَلُ بينهما نِصْفَيْنِ. فكذلك هاهنا. والقَوْلاَنِ على ما ذكر جماعة من الأَئِمَّةِ كالقولين في الجمعتين، والنكاحين مثل هذه الحالة، فإن قلنا بِبُطْلاَنِ الجمعتين (٢)، والنكاحين، أَقْرَعْنَا بينهما، كما لو وَقَعَا معاً. وإن تَوَقَّفْنَا في النكاحين، وأَمَرْنَا الجميع بالظهر، أَعْتَقْنَا من كل واحد نِصْفَهُ. ولو عُرِفَ من سبق إِعْتَاقُهُ بعينه، ثم اشْتَبَهَ -فطريقان:

أحدهما: طَرْدُ القولين.

والثاني: وهو الذي أَوْرَدَهُ أبو الفَرَج السَّرَخْسِيُّ، وغيره: أنه يُعْتَقُ من كل [واحد] (٣) نصفه، وهو المُوَافِقُ لما هو الظَّاهِرُ في مِثْلِ هذه الحالة من الجمعتين، والنِّكَاحَيْنِ.

ولو علَّقَ عَبْدَيْن بالموت، أو أَوْصَى بِعِتْقِهَا، ومات، وكل واحد [ثُلُثُ] (٤) مَالِهِ، فَيُقْرَعُ، سَوَاءً وَقَعَ التَّعْلِيقَانِ، أو الوَصِيَّتَانِ معاً، أو فرض بينهما ترتب (٥)، إذا تَقَرَّرَ ذلك. فلو قامت بَيِّنَةً على أن المَرِيضَ أَعْتَقَ سَالِماً، وأُخْرَى على أنه أَعْتَقَ غَانِماً، وكل وَاحِدٍ منهما ثلث ماله، فإن أرَّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ مختلفين، عتق من أعتقه أولاً، وإن أُرَّخَتَا بِتَاريخٍ وَاحِدٍ، أُقْرِعَ بينهما.

وإن [أُطلِقَتا، أو] (٦) وأُطْلِقتْ إحداهما، ففي "التهذيب": أنه يُقْرَعُ [بينهما] (٧) أيضاً؛ لاحتمال التَّرْتِيبِ، والمَعيَّةِ.

وقال جماعة -منهم صاحب الكتاب والإمام -رحمهم الله-: احتمال التَّرْتِيبِ أَقْرَبُ، وأغلب (٨) من احتمال المَعِيَّةِ. والسابق منهما غير مَعْلُومٍ، وإذا كان كذلك، وتَعَارَضَتِ البينتان (٩)، وأطلقتا، عرفنا أن أحد المُعْتَقَيْنِ سَابِقٌ، ولم نعرفه بِعَيْنِهِ، فَيَجِيءُ فيه القولان في أنه يُقْرَعُ بينهما، أو يُعَتَقُ من كل واحد نِصْفُهُ.


(١) في أ: قرعنا.
(٢) في أ: الجمع.
(٣) سقط في: ز.
(٤) سقط في: ز.
(٥) في ز: قريب.
(٦) سقط في: ز.
(٧) سقط في: ز.
(٨) في ز: وأغرب.
(٩) في ز: بالبينتان.

<<  <  ج: ص:  >  >>