للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم في لفظ الكتاب شَيْئَانِ؛ أحدهما: أن نَظْمَهُ يُشْعِرُ بِتَرْجِيح قول القِسْمَةِ، وقد رَجَّحَهُ القاضي الروياني وغيره، وهو يُوَافِقُ قَوْلَ الذاهب في الجُمْعَتَيْنِ إذا علمت السَّابِقَةُ، ولم يَتَعَيَّنْ إلى أنهم يُصَلُّونَ الظُهْرَ جميعاً؛ لِصِحَّةِ الجمعة السابقة.

وقد بَيَّنَّا في الجُمُعَةِ مَيْلَ الأصحاب [إليه] (١) وقولهم: إنه القياس. وَرَجَّحَ آخرون قول القُرْعَةِ، وهو يُوَافِقُ ما ذكرنا في النكاحين؛ أن ظَاِهرَ المَذْهَب والصورة مثل هذه؛ أن الحُكْمَ فيما إذا لم يُعْرَفِ السَّبْقُ، ولا المَعيَّةُ.

والثاني: سياق الكتاب يَقْتَضِي إِثْبَاتَ طريقتين:

إحداهما: القَطْعُ بالقِسْمَةِ.

والثانية: إِثْبَاتُ قولين:

أحدهما: القِسْمَةُ.

والثاني: القُرِعَةُ. لكنه لم يَرِدْ ذلك، وإنما حكى قَوْلَ القسمة المَنْصُوصِ عليها، ثم بَيَّنَ أنهم كيف خَرَّجُوهُ، وذكر المأخذ (٢) الذي ينزل عليه هذا القول مع قول القُرْعَةِ.

ويعرف ذلك عند التَّأَمُّلِ في لفظ "الوسيط". وفرع على القولين ما لو قَامَتِ البيِّنَتَانِ كذلك، لكن أحد العَبْدَيْنِ سدس المال، فإن قلنا بالقُرْعَةِ، فإن خرَجَتِ القُرْعَةُ للعبد الخسيس عتق، وعتق نصف الآخر؛ ليكمل الثلث.

وإن خرجت لِلنَّفِيسِ، انحصر العِتْقُ فيه. وإن قلنا هناك: يعْتَقُ من كل واحد نِصْفُهُ، فهاهنا وجهان:

الذي أَوْرَدَهُ أكثرهم: أنه يُعْتَقُ من كل واحد ثُلثَاهُ؛ لأن مَا زَادَ على الثلث من التَّبَرُّعِ يُنْسَبُ إلى جميع التَّبَرُّعِ، وينقص بتلك النسبة (٣) من كل واحد منهم.

وإذا نَسَبْنَا الزَّائِدَ على الثلث؛ وهو السُّدُسُ هاهنا إلى جميع التَّبَرُّع؛ وهو النِّصْف، كان ثلثه. فَيُردُّ العِتْقُ في ثلث كل واحد منهما، ويُنَفَّذُ [في ثلثيه] (٤)، وصار كما لو أَوْصَى لواحد بِثُلُثِ مَالِهِ، ولآخر بسدسه [يكون] (٥) لكل واحد منهما ثُلُثَا ما أوصى له.

والثاني، ويحْكَى عن أبي حَنِيْفَةَ: أنه يُعْتَق من النَّفِيسِ ثلاثة أرباعه، ومن الخَسِيسِ نِصْفُهُ؛ لأنه إن سَبَقَ إِعْتَاقُ النَّفِيسِ، فجميعه حر، وإن سَبَق إِعْتَاقُ الآخر، فنصفه حُرٌّ. فَأَحَد نصفيه على التَّقْدِيرَيْنِ حر. وإنما الزَّحْمَةُ في النصف الثاني، وهو قَدْرُ سدس


(١) سقط في: أ.
(٢) في ز: وذكروا أخذ.
(٣) في ز: القسمة.
(٤) في أ: ثلثه.
(٥) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>