للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّمَّ والالتزام، فالأصح أنه لا يدين، وفي المباضعة والملامسة والمباشرة قولان:

الجديد أنها كناياتٌ تفتقر إلى النيَّة؛ لأن لها حقائقَ غَيْر الجماع، ولم تشهُر فيه اشتهار الجماع والوطء.

والقديم، وهو اختيار المزنيِّ: أنه صريح، كالجماع، وبه قال أحمد، ويجوز أن يُعْلَم قوله في الكتاب "كناية" بالألف؛ لذلك، وبالحاء أيْضاً؛ لأن ابن الصبَّاغ حكَى عن أبي حنيفة أن لَفْظ المباضعة صريح؛ لأنه مأخوذ من البُضْع، وقيل: بل هو مأخوذ من البضعة، وهي القطعة، ويجوز أن يُعْلَم قوله "فقولان" بالواو؛ لأن في المباضعة طريقةً قاطعةً؛ بأنها كناية، ولو قال: لا أُمْسِك، ولا أفضي إلَيْك أو أُبَاعِلك، فعلى القولَيْن، وأَلْحَق بها في "التتمة" قولَه لا أفْتَرِشُكِ، ولا أَدْخُلُ بكِ، وفي المباعلة طريقة قاطعة، كما في المباضعة، وفي لفظ الإصابة طريقان:

أحدهما: أنه على القولَيْن، وإليه أشار في الكتاب بقوله "والإصابة قريبةٌ في المباشرةِ" ويجوز أن يُعْلَم (١) بالواو للثاني والثاني: أنَّه كالجماع حتَّى يكون صريحاً على المَذْهب الظاهر، وبالأول قال القاضي أبو الطيِّب، والثاني أرجح فيما يقتضيه إيراد "التهذيب"، وبه قال الشيخ أبو عليٍّ والشيخ [أبو] (٢) حامد وأكثر العراقيين والشيخ أبو حاتم القزوينيُّ، وفي القربان والغشيان والإتيان طريقان:

أحدهما: القطعُ بأنهما كنايات، وهذا أشبه عنْد صاحب الكتاب.

والثاني: أنها على القولَيْن، كالمباشرة والملامسة، وهو الأقوى، وبه قال ابْن القطَّان "وصاحب الإفصاح"، وهو الَّذي أورده القاضي [الرُّويانيُّ و] (٣) ابن كج، وأورد صاحب "التهذيب" في القربان والإتيان، الطريقة الأولى، وفي الغشيان الثانية، ولا يتضح بينهما فَرْق، والفعل من القربان: قَرِبَ يَقْرَبُ مثْل غَضِبَ يَغْضَبُ، يقال: قَرِبْتُ منْه أقْرَبُهُ قُرْبَاناً أي دَنَوْت منه، وقَرَّب الشَّيْء يُقَرِّب قرباناً (٤) إذا أدناه وليكن قولُه "لا أقرب منك" كناية لا محالة، بخلاف قوله "لا أقربك" وقوله "لا يجمع رأسي ورأسك وسادة" كناية بلا خلاف؛ لأنه ليس من ضرورة الجماع اجتماع الرأسين على وسادة، وكذا لو قال "لا يساقف رأْسي ورأْسك" أي لا يجتمعان تحْت سَقْف، ومن الكنايات قولُه "لأَبْعَدَنَّ عنْكِ" وهذا يُحتَاج فيه إلى نيَّة الجماع والمُدَّة جميعاً، ولو قال "لتَطُولَنَّ غيبتي عنْك أو لأسوأنَّكِ أو لأغصبنك" فهو كناية في الجماع والمدة أيضاً، ولو قال: ليَطُولَنَّ تَرْكي لِجِماعك أو لَأُوئِسَنَّكِ من الجماع، فهو صريحٌ في الجماع، كناية في المدة.


(١) في ز: إعلامه.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: قربًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>