للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في "الطلاق" أنها: إن كانت حاملاً عند التعليق فإذا ولدت؛ عتق الولد. وإن كانت حائلاً فوجهان:

أَشْبَهُهُمَا: أنه يعتق أيضاً؛ لأنه وإن لم يملك الولد حينئذ، فقد ملك الأصل المفيد لملك الولد.

ولو قال لِأَمَتِهِ الحَامِلِ: إن كان أول ما تَلِدِينَهُ غُلاَماً؛ فهو حرٌّ وإن كان جارية؛ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ غُلاَماً وَجَارَيةً، يُنْظَرُ: إن ولدت الغلام أولاً؛ عَتِقَ وَالجَارِيَةُ والأم رقيقان وإن ولدت الجارية أولاً؛ عَتِقَتِ الأُمُّ وَيُعْتَقُ الْغُلاَمُ أَيْضاً؛ لكونه في البطن حين عتقَتِ الأُمُّ، وتكون الجَارَيةُ رَقِيقَةً؛ لأن عِتْقَ الأُمِّ حَصَلَ بَعْدَ مُفَارَقتِهَا فإن (١) وَلَدَتْهُمَا معاً؛ فلا عتق؛ لأن التعليق بأول ولد تلد، وإذا ولدتهما معاً لم تلد واحد منهما أولاً، وإذا لم يعلم أولدتهما معاً أو أحدهما قبل الآخر، فلا عتق أيضاً لأن الأصل بقاء الملْكِ والعتق غير معلوم، وإن عُلِمَ سَبْقُ وِلاَدَةِ أَحَدِهِمَا، وَأُشْكِلَ السَّابِقُ، فالغلام حر بكل حال؛ لأنه إن سبقت ولادته عتقَ بالتعليق الأول، وإن سَبَقَ وِلاَدَةَ الجَارِيةِ عتقَ بِتَبَعِيَّةِ الأُمِّ وَالجَارِيةُ رَقِيقَةٌ بكل حال؛ لأنه [إن] (٢) سبق ولادة الغلام لم يعتق غيره، وإن سبق ولادتهما؛ لم يعتق بتبعية الأم لتأخر عتق الأم عن مُفَارَقَتِهَا، وأما الأم فيحتمل أن تكون عَتِيقَةً بسبق ولادة الجارية، ويحتمل أن تكون رقيقةً لسبق ولادة الغلام فَيُؤْمَرُ السَّيِّدُ بالبيان، فإن مات قبل أن يُبَيِّنَ فالأصح أنَّها رقيقة أخذاً بالأصل، وطرحاً لِلشَّكِّ.

وَقَالَ ابْنُ الحَدَّادِ: يُقْرَعُ عَلَيْهَا بِسَهْمِ عِتْقٍ وَسَهْمِ رِقِّ، وذكر في "تَقْرِيبِهِ" أنه يقرع بينها وبين الغلام، فإن خرجت على الغلام؛ لم يَعتَقْ غيره وإن خرجت عليها؛ عُتِقَتْ ولم يرق الابن، ويجوز أن يقرع بين شخصين وتعمل القرعة في أحدهما دون الثاني؛ أَلاَ تَرَى أنه لو قال: إن كان هذا الطائر غُرَاباً فَامرأتي طالقٌ، وإن لم يكن غُرَاباً فعبدي حُرٌّ ولم يبين الحال، يُقرع؛ فإن خرجت على العبد عتقَ وإن خرجت على المرأة، لم تطلق.

قَالَ الشَّيْخُ أبُو عَلِيٍّ: وما ذكره ابْنُ الحَدَّادِ غَلَطٌ عند عامة الأصحاب؛ لأنا شَكَكْنَا في عتقها، والقرعة لا تُثْبِتِ المشكوك فيه، وإنما تستعمل في تَعْيِينِ ما يستيقن أَصْلُهُ، ولو وجب الإقراع هاهنا لوجب فيما إذا قال لزوجته: "إن كان أول ما (٣) تَلِدِينَهُ غلاماً؛ فأنت طالقٌ فَوَلَدَتْ غلاماً وجارية واشتبه الحال، أن يُوقَفَ عنها؛ لأن ما يوجب الإقراع في العتق، يُوجِبُ الوقْف في النِّكَاحِ؛ ألا ترى أنه لو أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيه يُقْرَعُ بينهما إذا مات، ولو طَلَّقَ إِحْدَى امْرَأَتَيْهِ يُوقَفُ عنهما، وكما لا يوقف عند الشك في أصل الطلاق


(١) في ز: وإن.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في ز: ولد.

<<  <  ج: ص:  >  >>