للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهما، وإن حَلَفَ وَاحِدٌ، فكذلك الوَاحِدُ، [لكن] (١) قال الإِمَامُ: إن المزني لا يُسَلِّمُ المَسْأَلَةَ، ويقول: ليس لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الأَوَّلِ إذا لم يحلف الثَّاني إلا أَخْذُ حِصَّتِهِ. نعم، لو أَبْرَأَ الثَّاني، كان للأول أَخْذُ الجميع؛ لأن الثاني أَبْطَلَ حَقَّهُ، والنُّكُولُ لا يُبْطِلُ الحَقَّ.

ألا ترى أنه لو لم يَحْلِفْ مع الشَّاهد ثمَّ أتم البَيِّنَةَ، تسمع، ويُحْكَمُ بها؟ وكيف ما قدر الجواب. فالظَّاهِرُ عند الأَصْحَابِ مُوَافَقَةُ النَّصِّ.

ورأى الإِمام أن يجعل ما اعترض به المُزَنِيُّ قَوْلاً مُخَرَّجاً؛ لقوته، واسْتَحْسَنَهُ. وإذا قيل به، فَنَصِيبُ المَوْلُودِ وَقْفٌ تَعَذَّرَ مَصْرِفُهُ، فيجيء فيه الخِلاَفُ السَّابِق.

ولو مات المَوْلُودُ قبل بلوغه، أو بعد بُلُوغِهِ، وقبل النكول، قام وَارِثُهُ مَقَامَهُ، فَيَحْلِفُونَ، وَيَسْتَحِقُّونَ الغَلَّةَ المَوْقُوفَةَ. ولو مات بعد البُلُوغِ والنُّكُولِ، لم يَسْتَحِقُّوا الغَلَّةَ؛ لأنه أَبْطَلَ حَقَّهُ بالنكول، وهذا في الغَلَّةِ المَوْقُوفَةِ.

فأما رَقَبَةُ الوقف، وغَلَّتُهَا من بعدُ فقضية (٢) الشرط عند مَوْتِهِ، أن يستغرقها الثلاثة الحالفون، وهل عليهم تَجْدِيدُ اليمين؟ قال الإِمَامُ: إن فَرَّعْنَا على ما قال المُزَنِيُّ، ففيه الخِلاَفُ المَذْكُورُ، فيما إذا مَاتَ بَعْضُ البَطْنِ الأَوَّلِ في وقف الترتيب، وقد حَلَفَ الكُلُّ، هل يحتاج البَاقُونَ إلى التَّجْدِيدِ؟

وإن فَرَّعْنَا على النص، فلا حَاجَةَ إلى التجديد، فإنا نُقَدِّرُ أن المَوْلُودَ لم يكن، ولو مات وَاحِدٌ من الحَالِفِينَ في صِغَرِ المَوْلُودِ، وقف من يوم موته للمولود ثلث الغَلَّةِ؛ لأن المُسْتَحِقَّينَ عَادُوا إلى ثَلاثَةٍ، فإن بلغ وحَلَفَ أخذ الربع، والثلث المَوْقُوفين، [وإن نَكَلَ صرف الربع إلى الابنين الباقيين] (٣)، وإلى وَرَثَةِ المَيِّتِ، وصرف الثلث إلى الباقين خَاصَّةً، ويعود فيه كَلاَمُ المزني.

ولو أن المَوْلُودَ بَلَغَ مَجْنُوناً، أَدَمْنَا الوَقْفَ طَمَعاً في إِفَاقَتِهِ، فإن ولد له قبل أن يضيق وقف له الخُمس، وللْمَجْنُونِ من يوم ولادة ولده الخُمُسُ؛ لأن المُسْتَحِقِّينَ صاروا خَمْسَةً. فإن أَفَاقَ المَجْنُونُ وبلغ وَلَدُهُ، وحَلَفَا أخذ المَجْنُونُ الرُّبُعَ من يوم وِلاَدَتِهِ إلى يوم وِلاَدَةِ وَلَده الخمس من يومئذ، وأخذ وَلَدُهُ الخُمُسَ من يومئذ.

ولو مات المجنون في جنونه بعدما ولد له، فالغَلَّةُ الموْقُوفَةُ لِوَرَثَتِهِ، إذا حلفوا، ويُوقَفُ لِوَلَدِهِ من يوم مَوْتِهِ ربع الغَلَّةِ. هذا كُلُّهُ، إذا حَلَفَ المدعون الثلاثة أولاً.

وإن نَكَلُوا عن اليَمِينِ مع الشَّاهِدِ، فلمن يَحْدُثُ بعدهم أن يَحْلِفَ بلا خلاف (٤)؛


(١) سقط في: أ.
(٢) في ز نقضه.
(٣) سقط في: أ.
(٤) في ز: خوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>