للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيُخرَّج من هذا أنَّ افتراق هذه الأنْواع بالعُمُوم، والخُصُوص، فكلُّ هديَّةٍ وصدقةٍ هبةٌ ولا تنعكس، ولهذا لو حَلَف ألاَّ يهب فتصدَّق حنث، وبالعَكْس لا يحنثُ.

واختلَفُوا في أنَّهُ، هل يعتبر في حدِّ الهدية أن يكونَ بيْن المُهْدِي والمُهْدَى إلَيْه رسولٌ ومتوسِّط؟

فحكَى أبو عبد الله الزُّبَيْري -رضي الله عنه- وجهَيْنِ فيما إذا حَلَف ألاَّ يهدي إلَيْه، فوهَبَ منه خاتماً أو نحوه يداً بيَدٍ هل يحنثُ؟

والأشبه أنَّه لا يُعْتَبر، وينتظم أن يقول لمن حَضَرَ عنده: هذه هديَّتِي أهْدَيْتُها لك، وقدْ ورَدَ ذلك في الأخْبَار، وفي الكتاب والسُّنَّةَ ذكر الأنواع الثلاثة، والنَّدْب إليها (١).

قال اللهُ تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦] قِيْلَ: المرادُ منه الهِبَةُ.

قال اللهُ تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى} [البقرة: ١٧٧] الآية.

وقال عَزَّ مَنْ قائل: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} [الحديد: ١٨] وعن عائشةَ -رضي الله عنها- أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "تَهَادَوْا فَإِنَّ الهَدِيَّةَ تُذْهِبُ الضَّغَائِن" (٢).

وَرُويَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "تَهَادَوْا تَحَابُّوا" (٣).


(١) قال النووي: قال أصحابنا: وفعلها مع الأقارب ومع الجيران أفضل من غيرهم.
(٢) قال الحافظ في التلخيص: هو من أحاديث الشهاب ومداره على محمد بن عبد النور عن أبي يوسف الأعشى عن هشام عن أبيه عنها، والراوي له عن محمد: هو أحمد بن الحسن المقري دبيس، قال الدارقطني: ليس بثقة، وقال ابن طاهر: لا أصل له عن هشام، ورواه ابن حبان في الضعفاء من طريق بكر بن بكار عن عائذ بن شريح عن أنس بلفظ: "تهادوا فإن الهدية قلت أو كثرت تذهب السخيمة" وضعفه بعائذ، قال ابن طاهر: تفرد به عائذ، وقد رواه عنه جماعة، قال: ورواه كوثر ابن حكيم عن مكحول عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً، وكوثر متروك، وروى الترمذي من حديث أبي هريرة بلفظ: "تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر" وفي إسناده أبو معشر المدني وتفرد به وهو ضعيف، ورواه ابن طاهر في أحاديث الشهاب من طريق عصمة بن مالك بلفظ: "الهدية تذهب بالسمع والبصر" ورواه ابن حبان في الضعفاء من حديث ابن عمر بلفظ: "تهادوا فإن الهدية تذهب الغل" ورد بمحمد بن أبي الزعيزعة وقال: لا يجوز الاحتجاج به، وقال فيه البخاري: منكر الحديث، وروى أبو موسى المديني في الذيل في ترجمة زعبل يرفعه: "تزاوروا تهادوا فإن الزيارة تنبت الود، والهدية تذهب السخيمة" وهو مرسل، وليست لزعبل صحبة.
(٣) رواه البخاري في الأدب المفرد. والبيهقي، وأورده ابن طاهر في مسند الشهاب من طريق محمد بن بكير عن ضمام بن إسماعيل عن موسى ابن وردان عن أبي هريرة وإسناده حسن، وقد اختلف فيه على ضمام، فقيل عنه عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمر، وأورده ابن طاهر ورواه في مسند الشهاب من حديث عائشة بلفظ: "تهادوا تزدادوا حباً" وإسناده غريب فيه محمد بن سليمان، قال =

<<  <  ج: ص:  >  >>