للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هل يستأنف الوضوء أم يقتصر على غسل الرجلين؟ فيه قولان، ووجه الشبه أن الطَّهارة في الصورتين كملت من جنسين أصل وبدل، فإذا بطل حكم البدل، هل يبطل الأصل حتى يؤمر بالاستئناف فيه خلافه

والطريق الثاني: القَطْعُ بنفي الاستئناف؛ لأن التَّيمم طهارة مستقلَّة في الجملة، فلا يلزم بارتفاع حكمها انتقاض طهارة أخرى، وإن كانت بعضاً منها كما في هذه الصورة، كما لو اغتسل الجُنُب، ثم أحدث يلزمه الوضوء، ولا ينتقض غسله، وإن كان أعضاء الوضوء بعض المغسول في الجَنَابَةِ، لأن الوضوء طَهَارَةٌ مستقلّة في الجملة، ويخرج عليه (١) المسح على الخُفِّ، فإنه غير مستقل أصلاً، وهذا الخلاف جار في الجنب إذا غسل الصحيح من بدنه، وتيمم للعليل، وصلى، هل يفتقر للفريضة الثانية إلى استئناف الغسل مع التيمم؟ وإذا فرعنا على الصَّحيح، وهو أنه لا يجب استئناف الوضوء والغسل، فهل يجب إعادة شيء منهما مع التَّيمم؟ أما في الغُسْل فلا، وأما في الوضوء فوجهان:

أحدهما: وبه قال ابن الحداد: لا، لأن الوُضُوءَ الكامل لا يجب إعادته لكل فريضة، فكذلك غسل الصحيح الذي هو بعضه، وإنما التَّيمم هو الذي يعاد لكل فريضة.

وأظهرهما: أنه يجب أن يعيد مع التيمم غسل كل عضو يترتب على العضو المجروح رعاية للترتيب، فإنه إذا تيمّم بدلاً عن محلّ العذر، فإذا وجب إعادته خرج ذلك العضو عن أن يكون طهارته تامّة، فإذا أتمَّها (٢)، وجب إعادة غسل ما بعد ذلك العضو، كما لو أغفل لُمْعَةً من وَجْهِهِ وتنبَّهَ له بعد الفراغ من الوضوء يغسلها، وما بعد الوجه من الأعضاء.

ثم نعود إلى لفظه في الكتاب ونقول، لا يخفى أن قوله: "لم يعد الوضوء (٣) لكل صلاة" أراد الفريضة لا مطلق الصَّلاة، وهكذا هو في بعض النّسخ، وينبغي أن يعلم قوله: "لم يعد الوضوء" بالواو لما حكينا من الخلاف، ثم لك أن تقول قوله: "ولم يعد الوضوء"؟ إما أن يعني به أنه لا يعيد الوضوء بكماله، أي لا يستأنف، أو يعني به أنه لا يعيد شيئًا منه.

والأول صحيح، وجواب على الطَّريقة الثانية، إلا أن كلامه في "الوسيط" يبين أنه ما أراده، وإنما أراد المعنى الثَّاني؛ لأنه قال يجب إعادة التّيمم عند كل صلاة، ولا


(١) في ب عنه.
(٢) في ب: لم يتممها.
(٣) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>