للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْلِمًا، وقال الأَوْلاَدُ: بل كَافِراً. فإن كان أَصْلُ دِينِهِ الكُفْرَ، فالقول قَوْلُ الأَوْلاَدِ. وإن أَقَامَ كُلُّ واحد من الطَّائِفَتَيْنِ بَيِّنَةً؛ فإن أطلقنا قدمت (١) بَيِّنَةُ الزَّوْجَةِ والأخ، وإن قيدنا فعلى الخِلاَفِ في التَّعَارُضِ، وإن لم يُعْرَفُ أَصْلُ دِينِهِ، وَقَفَ المَالُ حتى يَنْكَشِفَ الحَالُ، أو يَصْطَلِحُوا.

وإن أقام كل واحد بَيِّنَةً، فعلى الخِلاَفِ في التَّعَارُضِ، ويعود خِلاَفُ أبي إِسْحَاقَ في جَرَيَانِ قول القِسْمَةِ.

وإذا رجحنا طائفة، قُسِّمَ المَالُ بينهم، كما يُقَسَّمُ لو انْفَرَدُوا.

كان جَعَلْنَا المَالَ بين الطَّائِفَتَيْنِ تَفْرِيعًا على القِسْمَةِ مَثَلاً فالنصف للزوجة والأخ، والنِّصْفُ للأولاد، وفيما تَأْخُذُ الزوجة من النصف؟ وجهان:

أحدهما: تأخذ رُبُعَهُ، وكأنه كُلُّ التَّرِكَةِ، وهذا ما أَوْرَدَهُ أَبُو الفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ.

والثاني: تأخذ نِصْفَهُ؛ ليكون لها رُبُعُ التَّرِكَةِ، فإن الأخ معترف به والأولاد لا يُحْجَبُونَ بقولها. وهذا ما أَوْرَدَهُ الإِمَامُ -رحمه الله- (٢).

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّانِيَةُ: مَاتَ نَصْرَانِي فِي رَمَضَانَ فَاَدَّعَى أَحَدُ ابْنَيْهِ أنَّهُ أَسْلَمَ في شَوَّالٍ فَيَرِثُهُ، وَقَالَ الآخَرُ بَلْ في شَعْبَانَ فَلاَ تَرِثُهُ فَبَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ أَوْلَى لأنَّهَا نَاقِلة، وَالقَوْلُ قَوْلُ المُسْلِمِ إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ لِأَنَّ الأَصْلَ بَقَاءُ الكُفْرِ، وَلَوْ أَسْلَمَ الابْنُ فِي رَمَضَانَ لَكِنْ ادَّعَى أَنَّ الأَبَ مَاتَ فِي شَعْبَانَ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ لَكِنَّ القَوْلَ قَوْلُ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّ الأَصْلَ دَوَامُ الحَيَاةِ إِلَى شَوَّالٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ابنا مَيِّتٍ: نَصْرَانِيٌّ ومُسْلِمٌ تَنَازَعَا. فقال المُسْلِمُ: أَسْلَمْتُ بعد مَوْتِ أبينا، فالمِيرَاثُ بَيْنَنَا. وقال النَّصْرَانِيُّ: بل قبله، فلا ترثه. فلهما ثَلاَثُ أحوال:

إحداهما: أن يَقْتَصِرا على هذا القَدْرِ، ولا يَتَعَرَّضَا لتاريخ مَوْتِ الأب، ولا لِتَارِيخِ إِسْلاَمِ المسلم.

والثانية: أن يَتَّفِقَا على تَارِيخ مَوْتِ الأب كَرَمَضَانَ مَثلاً، فقال المسلم: أَسْلَمْتُ في شَوَّالٍ. وقال النَّصْرَانِيُّ: بل أَسْلَمْتَ في شعبان. ففي الحَالَتَيْنِ إن لم تكن بَيِّنَةٌ، فالقول قَوْلُ المُسْلِمِ؛ لأن الأَصْلَ اسْتِمْرَارُهُ على دِينِهِ، فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، ويَشْتَرِكَانِ في المَالِ.


(١) في ز: مذهب.
(٢) قال النووي: الأول أصح؛ لأنها معترفة أيضاً باستحقاق الأخ ثلاثة أرباع التركة. والله أعلم.
قال في المطلب: إنه لا يجوز غيره، ونقله في الكلفاية عن الجمهور وفي الحاوي: أن الذي عليه الجمهور لا يصح تخريج قولي القسمة هاهنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>