للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسموعة على قياس ما ذكروه في الحادي والثَّلاثين -والله أعلم-.

وقوله: "وإذا شهد الشُّهود على الهلال قبل الزَّوَال أفطرنا وصلَّينا" المراد منه ما إذا سبقت الشَّهادة الزَّوال بقدر ما يسع الصَّلاة، فإن لم يسع فالحكم كما لو شهدوا بين الزَّوال والغروب. وقوله: "ثم قضاؤها في أول اليوم أولى، أو في الحادي والثَّلاثين" فرض الخلاف في الأولويّة جواب منه على الأصح، وهو أن قضاؤها في بقية اليوم جائز، وفيه خلاف تقدم -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَإِذَا كَانَ العِيدُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَلأِهْلِ السَّوَادِ الرَّجُوعُ قبْلَ الجُمُعَةِ، وَإِنْ كَانَ النِّدَاء يُبْلغُهُمْ عَلَى الصَّحِيحِ لِلْخَبَرِ.

قال الرافعي: إذا وافق العيد يوم الجُمُعَة، وحضر أهل القرى الَّذين يبلغهم النِّداء لصلاة العيد، وعلموا أنهم لو انصرفوا لفاتتهم الجمعة فهل عليهم أن يصيروا ليصلوا الجمعة، أم لهم أن ينصرفوا ويتركوها؟ فيه وجهان:

أحدهما: عليهم الصّبر كأهل المصر وكسائر الأيام.

وأصحهما: أن لهم أن ينصرفوا ويتركوها، ويحكى هذا عن نصه قديماً وجديدًا (١) لما روي: "أنه اجتمع عيدان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم واحد فصلى العيد في أول النهار، وقال: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَشْهَدَ مَعَنَا الجُمُعَةَ فَلْيَفعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أن يَنْصَرِفَ فَلْيَفْعَلْ" (٢).

وأراد به أهل السَّواد وهذا هو الخبر الذي أبهم ذكره في الكتاب.


(١) قال في شرح المهذب، ولا خلاف أن أهل البلد يلزمهم حضور الجمعة وهو نصه عن البويطي وإنما الرخصة لأهل القرى لا غير. وقال في القوت: قال ابن كج في باب التبكير إلى الجمعة بعد إرساله القولين من غير فرق بين العذرين وغيرهم، واعلم أذا إذا جوزنا الترك فليست تعتبر قريبة ولا بعيده لأن الرخصة عامة ولا خلاف أنه لا يجوز ترك الجمعة حتى لا يصليها أحد من ذلك البلد بل تصير فرضاً على الكفاية. قال في القوت: وظاهر عدم الفرق ونص البويطي يرد عليه، ولفظه إذا اجتمع عيد وجمعة في يوم صلى العيد حتى تحل الصلاة ثم أذن لمن حضر من غير أهل المصر في الانصراف إلى أهليهم إن شاؤوا ولا يعودون إلى الجمعة. فائدة: يفهم أنه لو حضر أهل ترى لا يبلغهم النداء أن لهم الانصراف بلا خلاف وهو ظاهر إذا لم يكن يلزمهم إقامة الجمعة بها، أما لو كانوا يعطلونها ودخلوا المصر البعيد وعلموا أنهم لو رجعوا لفاتتهم الجمعة ففيه وجه لأنه نودي إلى تركهم لا في البقعتين: "قاله ابن أبي زهرة".
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٤/ ٣٧٢)، وأبو داود (١٠٧٠)، والنسائي (٣/ ١٩٤) والطبراني في الكبير (٥١٢٠)، والحاكم في المستدرك (١/ ٢٨٨) وصححه له شاهد على شرط مسلم. وقال ابن المنذر: لا يثبت وفيه مجهول، وصححه ابن السكن. انظر خلاصة البدر (١/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>