بالنصف (١) فإن لم يجز، ردَّت إلى الثلث، وكذا لو كان له ابنان أَو بنون، فأَوْصَى بمثل: نصيبهما أو نصيبهم.
وعن مالك -رحمه الله-: أَن الوصية في الصُّورة وصية بالكل، واحتج الاصَّحابُ بأنَّ الوصية بمثل نصيب الابنِ تقتَضِي أَن يكون للابنِ نصيبٌ، وللموصَى له نصيبٌ، وأن يكون النَّصِيبَان مثلين، فيلزم التسويةُ، وربما قالوا: الابنُ يأْخذُ الكلَّ؛ لولاء الوصية، فإِذا نزّل الموصَى له منزلته، فقد أثبت الكلَّ له أَيضًا، والمبلغ إِذا عالَ بمثْله، كان الزائدُ مثْلَ المزيد علَيْه، ولو لم يكن له ابن أو لم يكن له وارثًا لرق، وغيره، فالوصية باطلةٌ، لأنه لا نصيب للابن، ولو قال: أَوصَيْتُ له بنَصِيبِ ابْنِي، ولم يذكر لفْظ المِثْل، فوجهان:
أحدهما: وبه قال أبو حنيفة: أَن الوصيَّةَ باطلةٌ؛ لورودها عَلَى حقِّ الغَيْر، وهذا أصحُّ عند أصحابنا العراقِيِّينَ وتابعهم صاحب "التهذيب".
والثاني: وبه مالك -رحمه الله-: أنها صحيحةٌ، والمعنى بمثل نصيب ابْني، ومثله كثير في الاستعمال، وهذا ما أَورده الأُستاذ أَبو منصور، وهو الأَصحُّ عند الإمام والقاضي الرُّويانيِّ -رحمهم الله تعالى- وغيرهما، وقالوا: إن الوصية واردةٌ على مال الموصِي، وليس للابن نصيبٌ قبل موته، وإِنما الغرضُ التقدير بما يستحقُّه من بعدُ.
ويجري الوجهان، فيما لو قَالَ: بعْتُ عبدي منْك بما باع به فلانٌ فَرَسَهُ، وهما يعلمان قدْرَهُ، فإن صحَّحنا، فهيَ وصيةٌ بالنِّصْف، كما لو قال: أَوْصَيْتُ بمثل نصيب ابْنِي، وفي "التهذيب" وجه آخر: أنها وصيةٌ بالكل، ولو كان له ابنان، فأوصَى بمثل نصيب أحدِهِما أو بمثل نصيب ابْنٍ، فالوصية بالثُّلُث، ولو كانوا ثلاثةً، فبالربع، وإن كانوا أَربعةً، فبالخمس، وعلىَ هذا القياسُ ويجعل الموصَى له كابنٍ آخَرَ معهم.
وعن مالك -رحمه الله- أن الوصية في صورة الاثْنَيْنِ بالنِّصْف، وفي الثلاثة بالثُّلُث، وعَلَى هذا؛ فالضابط عنده أن يعتَبَرَ نَصِيبُ الموصَى بنصيبه؛ لو لم تكن وصية، وعنْدنا يعتبرُ بعد الوصية، فتقام فريضةُ الميراث، ويزاد عليها مثْل سهم الموصَى بنصيبه، حتى لو كانت له بنتٌ، وأوصَى بمثل نصيبها، فالوصيةُ بالثلث؛ لأن المسألة
(١) قال في الخادم: صورة المسألة إذا لم يقل مع ذلك بما كان نصيبه فأما لو أوصى له بمثل ما كان نصيب ابنه كانت وصية بجميع المال إجماعًا صرح بذلك الماوردي وفرق بأنه في المسألة الأولى جعل لابنه مع الوصية نصيبًا فلذلك كانت فيه بالنصف، وفي الثانية لم يجعل له نصيبًا فلذلك كانت الصيغة بالإضافة للجميع، فأما لو قال أوصيت له بمثل نصيب ابن لي لو كان وفي نصيب ابني لا يصح على الأصح.