والخامس: أنه لا يصح البيع في القدر الموازي للثمن؛ لأنه لو صح في الكل فإن أخذه الشفيع وصلت إليه المحاباة، وإن أخذ ما وراء قدر المحاباة كان إلزاماً بجميع الثمن ببعض المببع، وهو على خلاف وضع الشفعة.
وقد يقال في العبارة عن هذا الوجه: إن ترك الشفيع الشفعة صحت المحاباة مع المشتري، وإلاَّ فهو كما لو كان المشتري وارثاً فلا تصح المحاباة.
والأوجه الأربعة الأخيرة تحكى عن ابْنِ سُرَيْجٍ.
وأصح الخمسة عند الأكثرين منهم أَبُو عَلِيٍّ صاحب "الإفصاح"، والعراقيون، والاستاذ أَبُو مَنْصُورٍ، والإمام، وصاحب "التهذيب" إنما هو الثاني، والأول ابْنِ الصَّبَّاغِ وهو قضية إيراده في الكتاب، ويحسن أن يرتب، فيقال: في صحة البيع وجهان: إن صح فيصح في الجميع، أو فيما وراء قدر المحاباة وجهان:
إِن صح في الجميع بالشفعة، أو وراء قدر المحاباة أولا يأخذ شيئاً فيه ثلاثة أوجه.
قال الرافعي: ذكرنا من قبل أن تقدم ملك الآخذ على ملك المأخوذ منه شرط في الشفعة، فلو كانت في يد رجلين دار شرياها بعقدين، وادعى كل واحد منهما أن شراءه كان قبل شراء صاحبه، وأنه يستحق الشفعة عليه، نظر إن ابتدأ أحدهما بالدعوى، أو جاءا معاً وتنازعا في البدء، فقدم أحدهما بالقرعة وادعى، فعلى الآخر الجواب، ولا يرضى منه الجواب بأن يقول: بل شرائى أسبق، فإنه ابتداء دعوى، بل إما أن ينبغي سبق شراء المدعي، أو يقول: لا يلزمني تسليم شيء إليك.
وحينئذ يحلف فإن استقر حلف ملكه، ثم تسمع دعواه على الأول، فإن حلف استقر ملكه أيضاً، وإن نكل المدعى عليه أولاً ردت اليمين على المدعي، عليه، فحلف أخذ ما في يد المدعى عليه، وليس عليه النكل بعد ذلك أن يدعى عليه لأنه، لم يبق له ملك يأخذ به الشفعة، وإن نكل المدعي عن اليمين المردودة سقطت دعواه، وللمدعى عليه أن يدعى عليه، هذا إذا لم يكن لواحد منهما بِيِّنَة.
أما إذا أقام أحدهما البَيِّنَةَ على السبق دون الآخر قضى له، وإن أقام كل واحد منهما بينة على سبق شرائه مطلقاً، أو على أنه اشترى يوم السبت وصاحبه اشترى يوم الأحد، فهما متعارضتان، وفي تعارض البيتين قولان: