وعن الصعلوكي أن حضور المأخوذ منه، أو وكيله شرط، ولا بد من جهة الشفيع من لفظ كقوله: تملكت، أو اخترت الأخذ بالشفعة، أو أخذته بالشفعة، وما أشبه ذلك، وإلاَّ فهو من باب المُعَاطاة، ولا يكفي أن يقول: لي حق الشفعة، وأنا مطالب بها؛ لأن المطالبة ركبة في التملك، والملك لا يحصل بالركبة المجردة، هكذا ذكره في "التتمة".
وفي أمالي أبِي الفَرَجِ السَّرْخَسِيِّ أن الطلب يكفي سبباً لثبوت التملك، ولا يقف على قوله: تملكت، الأول، والأول أظهر، وكذلك قالوا: يعتبر في التملك أن يكون الثمن معيوماً للشفيع، ولم يشترطوا ذلك في الطلب، وينبغي أن يكون في صحة التملك مع كون الثمن مجهولاً ما ذكرناه في بيع المرابحة.
وفي "التتمة" إشارة إلى نحو من هذا، ثم لا يملك الشفيع بمجرد اللفظ، بل يعتبر مع ذلك أحد أمور:
الأول: أن يسلم العوض إلى المشتري، فيملك به إن سلمه، وإلاَّ خلى بينه وبينه، أو رفع الأمر إلى القاضي حتى يلزمه التسليم.
والثاني: أن يتسلم المشتري الشقص، ويرض يكون الثمن في ذمته، نعم لو باع شقصاً من دار عليها صَفَائِحُ ذهب بالفضة، أو بالعكس وجب التقايض، ولو رضي يكون الثمن في ذمته، ولم يسلم الشقص فوجهان:
أحدهما: أنه لا يحصل الملك، وقول المشتري ما لم يتصل به القبض في حكم وعد.
وأصحهما: الحصول؛ لأنه معاوضة، والملك في المعاوضات لا يتوقف على القبض.
والثالث: أن يحضر مجلس القاضي، ويثبت حقه في الشفعة، ويختار التملك، فيقضي القاضي له بالشفعة، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه لا يحصل الملك، ويستمر ملك المشتري إلى أن يصل إليه عوضه، أو يرضى بتأخره.
وأصحهما: الحصول؛ لأن الشرع نزل الشفيع منزلة المشتري، كان العقد له، إلاَّ أن يتخير بين الأخذ والترك، فإذا طلب وتأكد طلبه بالقضاء، وجب أن يحكم له بالملك.
والرابع: أن يُشْهَدَ عدلين على الطلب، فإن لم نثبت الملك بحكم القاضي فهاهنا أولى، وإن أثبتناه فوجهان لقوة قضاء القاضي.