للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله في الكتاب: "والأظهر أنه لا يملك" بمقتضى ترجيع الوجه الصائر إلى عدم حصول الملك بالقضاء والإشهاد، وفيما إذا رضي المشتري أن يكون الثمن في ذمة الشفيع، وإن لم يستلم الشقص، لكن جواب الاكثرين في هذه الصورة، وفي صورة قضاء القاضي بالشفعة أنه يثبت الملك، وإذا ملك الشفيع الشقص بغير الطريق الأول لم يكن له أن يتسلمه حتى يؤدي الثمن، وإن سلمه المشتري قبل أداء الثمن، ولا يلزمه أن يؤخر حقه، وإن أخر البائع حقه، وإذا لم يكن الثمن حاضراً وقت التملك، أمهل ثلاثة أيَّام، فإن انقضت، ولم يحضره فسخ القاضي تملكه، هكذا حكى عن ابن سُرَيْجٍ، وساعده المعظم.

وفيه وجه آخر: أنه إذا قَصَّر في الأداء بطل حقّه، وإن لم يؤخذ رفع إلى الحاكم، وفسخ به.

قال الغزالي: وَهَلْ يَلْتَحِق هَذَا التَّمْلِيكُ بِالشِّرَاءِ في ثُبُوتِ خِيَارِ المَجْلِسِ للِشَّفِيَعِ وامْتِنَاعِ التَّصَرُّفِ في الشِّقْصِ قَبْلَ القَبْضِ، وَامْتِنَاعُ التَّمَلُّك دُونَ رُؤْيَةِ الشِّقْصِ؟ فيه خِلافٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يُشْبِهُ البَيْعَ فِي كَوْنِهِ مُعَاوَضَةً ويُخَالِفُهُ فِي أَنَّه لاَ تَرَاضِي فِيهِ.

قال الرافعي: فيه ثلاث صور (١):

إحداها: في ثبوت خيار المجلس للشفيع، فيه خلاف ذكرناه في البيع.

والأظهر: الثبوت، ويحكى ذلك عن نَصَّهِ في "اختلاف العِرَاقِيِّين"، وعلى هذا فيمتد إلى مفارقته المجلس، وهل ينقطع بأن يفارقه المشتري؟ فيه وجهان:

وجه المنع: أنه لاحَظَّ له في الخيار، فلا اعتبار بمفارقته (٢).

الثانية: إذا ملك الشفيع امتنع تصرف المشترى، وإن طلبه ولم يثبت الملك بعد لم يمتنع وأبدى الإمام فيه احتمالاً لتأكُّد حقَّه بالطلب، وحكى فيه وجهين في نفوذ تصرف الشفيع قبل القبض إذا كان قد سلم الثمن:


(١) وأصل هذا الخلاف في قاعدة خيار المجلس، وهو أنه هل يتصور ثبوته في أحد شقي البيع، فيه خلاف.
فإن قلنا: إنه يثبت للشفيع خيار المجلس، فهو مقدر بمقامه في ذلك المكان يملكه فيه، فإن فأرقه الثسفيع، بطل خياره. وإن فارقه المشتري دون الشفيع، هل يبطل خيار الشفيع؟ فيه وجهان كما أشار المصنف. (أدب القضاء لابن أبي الدم ٢/ ٤٢٠ - ٤٢١).
(٢) قال النووي: الذي صححه الأكثرون: أنه لا خيار للشفيع، ممن صححه صاحب "التنبيه"، والفارقي، والرافعي في المحرر، وقطع به البغوي في كتابيه "التهذيب"، وشرح "مختصر المزني"، وهو الراجح أيضاً في الدليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>