للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجهة المعيَّنة، وقطْعِ سائر الجهات والتصرُّفات عنه.

والأصْلُ فيه ما رُوِيَ أنَّ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عنْه- مَلَكَ مائَةَ سَهْمٍ من خيبر اشتراها،


= عليه"، ثم اشتهر المصدر أي: الوقف في الموقوف، فقيل: هذه الدار وقف، أي: موقوف، كنسج اليمن بمعنى منسوج اليمن؛ ولذا جمع على أفعال فقيل: "وقف وأوقاف" كوقت وأوقات.
واصطلاحاً:
عرفه الحنفية بأنه: حبس العين على حكم ملك الله تعالى والتصدق بالمنفعة.
عرفه الشافعية بأنه: حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح موجود.
عرفه المالكية بأنه: جعل منفعة مملوك ولو بأجره أو غلته لمستحقه بصيغة مدة ما يراه المحبس.
عرفه الحنابلة بأنه: تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرف الواقف وغيره في رقبته يصرف ربعه إلى جهة بر، ولسبيل المنفعة تقرباً إلى الله تعالى.
انظر: الهداية: ٣/ ١٣، مجمع الأنهر: ١/ ٧٣١، مغني المحتاج: ٢/ ٣٧٦ الشرح الصغير: ٥/
٣٧٣، كشاف القناع: ٤/ ٢٤٠، الاقناع: ٢/ ٨١، نهاية المحتاج ٥/ ٣٥٨.
وحكمة مشرعيته أن الله جلّت قدرته، وعلت حكمته، وعمّت رحمته قد أراد النفع لعباده، وأحسن إليهم ببيان سبل الخيرات، سواء أكان النفع في دنياهم أم في آخرتهم، فشرع لهم الوقف بنوعية حفظاً لأموالهم التي جعل الله لهم قياماً، من أن تعبث بها يد السفهاء، فتتوى عزتهم، وتنصرم سعادتهم، وإدامة لعملهم الصالح في الحياة الدنيا وبعد انتقالهم منها, ليصل ثوابه إليهم. دائماً، فضلاً منه وكرماً. يشير إلى ذلك قول الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له)، ولذا ذكر الكمال بن الهمام محاسنه بقوله: ومحاسن الوقف ظاهرة، وهي الانتفاع الدّارُّ الباقي على طبقات المحبوبين من الذرية والمحتاجين، من الأحياء والموتى، لما فيه من إدامة العمل الصالح، كما في الحديث المعروف: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية ...) الحديث.
ويستأنس بما قاله الإمام الفاضل مولانا الشيخ أحمد المعروف بشاه ولي الله المحدث الدهلوي في كتاب "حجة الله البالغة" ٢٠/ ٨٧. ومن التبرعات الوقف، وكان أهل الجاهلية لا يعرفونه فاستنبط النبي -صلى الله عليه وسلم- لمصالح لا توجد في سائر الصدقات، فإن الإنسان ربما يصرف في سبيل الله مالاً كثيراً ثم يفنى، فيحتاج أولئك الفقراء تارة أخرى، ويجيء أقوام من الفقراء فيبقون محرومين؛ فلا أحسن، ولا أنفع للعامة، من أن يكون شيء حبساً للفقراء، وأبناء السبيل، تصرف أم منافعه، ويبقى أصله على ملك الواقف. وهو قول -صلى الله عليه وسلم- لعمر رضي الله عنه: (إن شئت حبست أصلها) وساق الحديث: اهـ وأما سببه:
فهو إرادة محبوب النفس في الدنيا يبر الأحباب، وفي الآخرة بالثواب، إذا كان بالنية من أهلها، وهو المسلم العاقل، وذلك لأن الوقف قد يكون مباحاً؛ والمراد أن لم يوضع للتعبد به كالصلاة والصيام، والزكاة، والحج، ولذا صح من الكافر بشرطه.

<<  <  ج: ص:  >  >>