للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاشترى بمائة نسيئة فَوَجَهْانِ لأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهِ يُشْبُه اخْتِلاَفَ الجِنْسِ، وَلاَ خِلاَف أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَ بِأَلْفِ دينار لَمْ يَجُزْ وِفَيهِ احِتْمَالٌ.

قال الرافعي: الأصل في هذه الصورة، وما بعدها أنه يجب النظر بتقييدات الموكل في الوِكَالَةِ، ويشترط على الوكيل رعاية المفهوم منها، بحسب العرف، وفي الفصل صور:

أحدها: إذا عين الموكل شخصاً بأن قال: بيع من زيد، أو وقتاً بأن قال: بع في يوم كذا لم يَجُزْ أن يبيع من غيره، ولا قبل ذلك الزمان ولا بعده (١).

أما الأول: فلأن مال (٢) الشخص المعين قد يكون أقرب إلى الحل، وأبعد عن الشبهة، وربما يريد تخصيصه بذلك المبيع.

وأما الثاني: فلأنه ربما يحتاج إلى البيع في ذلك الوقت، ولو عين مكاناً من سوق ونحوها نظر إن كان له في المكان المعيّن غرض بإن كان الراغبون فيه أكثر، أو النقد فيه أجود لم يَجُزْ أن يبيع من غيره، وإن لم يكن غرض ظاهر فوجهان:

أحدهما: يجوز، والتعين في مثل ذلك يقع اتفاقاً هذا ما أورده في الكتاب، وبه قال القاضي أَبُو حَامِدٍ، وقطع به الغَزَالِيُّ.

والثاني: لا يجوز؛ لأنه ربما يكون له فيه غرض لا يطلع عليه، وهذا أصح عند ابْنِ القَطَّانِ، وصاحب "التهذيب" (٣).

ولو نهاه صريحاً عن البيع في غير ذلك الموضع امتنع بلا خلاف، وذكر القاضي ابْنُ كَجٍّ أن قوله: بع في بلد كذا، كقوله: بع في سوق كذا، حتى لو باعه في بلد آخر، جاء فيه التفصيل المذكور، وهذا صحيح، ولكنه يصير ضامناً للمال، لنقله من ذلك


(١) قال النووي: هكذا قال الأصحاب في البيع قبل الجمعة وبعده: إنه لا يصح. قالوا: وكذا حكم العتق، لا يجوز قبل الجمعة ولا بعده. وأما الطلاق، فنقل صاحبا "الشامل" و"البيان" عن الدَّاركي، أنه قال: إن طلقها قبل الجمعة، لم يقع، وإن طلقها بعده يقع؛ لأنها إذا كانت مطلقة يوم الجمعة، كانت مطلقة يوم السبت، بخلاف الخميس. ولم أر هذا لغيره، وفيه نظر. ينظر الروضة ٣/ ٥٤٦.
(٢) في ب: ذلك.
(٣) قال النووي قلت: قطع بالجواز أيضاً صاحبا "التنبيه" و"التتمة" وغيرهما، لكن الأصح على الجملة: المنع، وهو الذي صححه الماوردي، والرافعي في "المحرر". قلت: هذا إذا لم يقدّر الثمن. فإن قال: بع في سوق كذا بمائة، فباع بمائة في غيرها، جاز، صرح به صاحبا "الشامل" و"التتمة" وغيرهما. ينظر الروضة ٣/ ٥٤٦، ٥٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>