للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل يجوز أن تعطى الأجرة من مال الطفل على تعليم ما سوى الفاتحة والفرائض من القرآن والأدب؟ فيه وجهان (١).

وأما المجنون فلا صلاة عليه أيضاً؛ للخبر، والأصل أن من لا تجب عليه العبادة لا يجب قضاؤها، وإنما خالفنا ذلك في حق النائم والناسي؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذَا نَسِيَ أحَدُكُمْ صَلاَةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَليُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا" (٢)، والإغماء في معنى المجنون يستوي قليله وكثيره في إسقاط القضاء إذا استغرق وقت العذر والضرورة، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: لا تسقط الصلاة بالإغماء ما لم يزد على يوم وليلة، ولأحد حيث قال: إنه لا يسقط القضاء قَلَّ أو كثرَ.

لنا القياس على المجنون، ولا يلحق بالجنون زوال العقل بسبب محرم كشرب مسكر، أو دواء مزيل للعقل، بل يجب عليه القضاء؛ لأنه غير معذور وهذا إذا تناول الدواء وهو عالم بأنه مزيل للعقل من غير حاجة كما إذا شرب المسكر وهو عالم (٣) أنه مسكر، أما إذا لم يعلم أن الدواء مزيل للعقل، وأن الشراب مسكر فلا قضاء عليه كما في الإغماء، ولو عرف أن جنسه مسكر لكن ظن أن ذلك القدر لا يسكر لقلته فليس ذلك بعذر. ولو وثب من موضع لحاجة فزال عقله فلا قضاء عليه، وإن فعله عبثًا قضى، ثم في الفصل فرعان:

أحدهما: لو ارتد ثم جن قضى أيام المجنون وما قبلها إذا أفاق وأسلم تغليظاً على المرتد. ولو سكر ثم جن قضى بعد الإفاقة صلوات المدة التي ينتهي إليها السكر لا محالة. وهل يقضي صلوات أيام المجنون؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم، لأن السكران يغلظ عليه أمر الصلاة كما يغلظ على المرتد، وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب: أنه لا يقضي أيام المجنون.

والفرق أن من جن في ردته مرتد في جنونه حكماً، ومن جن في سكره ليس بسكران في دوام جنونه قطعاً.

الثاني: لو ارتدت المرأة ثم حاضت أو سكرت فلا تقضي أيام الحيض، ولا فرق بين اتصالها بالرّدة واتصالها بالسكر، بخلاف المجنون، حيث افترق الحال بين اتصاله بالردة وبين اتصاله بالسكر.


(١) قال النووي: الأصح، من مال الصبي، وهذا كله إذا كان الصبي، والصبية مميزين -والله أعلم- روضة الطالبين (١/ ٣٠١).
(٢) أخرجه ابن ماجة (٦٩٨) من حديث أبي قتادة ومسلم (٦٨٤) من حديث أنس بلفظ "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها".
(٣) في ط (يعلم).

<<  <  ج: ص:  >  >>