للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الكافر الأصلي مخاطب بالشرائع على أشهر وجهي أصحابنا في الأصول، لكن إذا أسلم لا يجب عليه قضاء صلوات أيام الكفر لقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (١) المعنى فيه أن إيجاب القضاء ينفره عن الإسلام، والردة لا تلحق بالكفر بل يجب على المرتد قضاء صلوات أيام الردّة خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: الردة تسقط قضاء الصلوات أيام الردة والصلوات المتروكة قبلها أيضاً.

لنا أنه التزم الفرائض بالإسلام فلا يسقط عنه بالردة كحقوق الأدميين.

فأما الصبي فلا تجب عليه الصلوات قال -صلى الله عليه وسلم-: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَفِيقَ" (٢) فلا يؤمر أحد ممن لا تجب عليه الصلاة بفعلها سوى الصبي فإنه يؤمر بها إذا بلغ سبع سنين، ويضرب على تركها إذا بلغ عشراً لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ واضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ" (٣).

قال الأئمة: فيجب على الآباء والأمهات تعليم الأولاد الطهارة والصلاة والشرائع بعد السَّبْعِ، والضرب على تركها بعد العشر، وذكروا في اختصاص الضرب بالعشر معنيين:

أحدهما: أنه زمان احتمال البلوغ بالاحتلام فرُبَّمَا بلغ ولا يصدق.

والثاني: أنه حينئذ يقوى ويحتمل الضرب.

واحتج بعض أصحابنا بهذا على أنه لا يجوز أن يختن الصبي قبل العشر؛ لأن ألم الختان فوق ألم الضرب، ويؤمر بالصَّوْمِ أيضاً إن أطاقه كما يُؤمر بالصَّلاَةِ، وأجرة تعليم الفرائض من مال الطفل، فإن لم يكن له مال فعلى الأب، وإن لم يكن فعلى الأم.


(١) سورة الأنفال، الآية ٣٨.
(٢) أخرجه أبو داود (٤٣٩٩ - ٤٤٠٠) والترمذي (١٤٤٣) وابن ماجة (٢٠٤٢) وأحمد (١/ ١١٦ - ١١٨ - ١٤٠) وابن خزيمة (١٠٠٣) وابن حبان (١٤٩٧) والحاكم (٢/ ٥٩) من طرق من حديث علي -كرم الله وجهه-، قال ابن الملقن: أخرجه البخاري موقوفاً معلقاً بصيغة جزم، ورواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وابن حبان، والحاكم، من رواية عائشة قال الحاكم على شرط مسلم قال صاحب الإمام: هو أقوى إسناداً من رواية علي، انظر خلاصة البدر المنير (١/ ٩١) تغليق التعليق (٤/ ٤٥٧).
(٣) أخرجه أبو داود (٤٩٥) والحاكم (١/ ١٩٧) من حديث عبد الله بن عمرو أبو داود (٤٩٤) والترمذي (٤٠٥) وأحمد في المسند (٣/ ٤٠٤) والطبراني في الكبير (٦٥٤٦ - ٦٥٤٧ - ٦٥٤٨) والبيهقي (٢، ١٤، ٣/ ٨٣ - ٨٤) وقال الحاكم والبيهقي صحيح على شرط مسلم، انظر خلاصة البدر المنير (١/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>