للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم به، فإن العصر لا يلزم بإدراك آخر وقت الظهر أيضاً؛ بل بإدراك جميعه، وإنما جرى لفظ الأول في مقابلة الآخر في الحالة الأولى.

وقوله: "لأن وقت الظهر لا يصلح للعصر ... " إلى آخره المراد منه ما شرحناه في الفرق بين الأول والآخر، وأراد بالمعذور هاهنا الذي يجمع لسفر أو مطر، بخلاف ما في أول الفصل، فإنه أراد بالمعذور، ثم صاحب الضرورة على ما سبق إيضاحه.

واعلم أن الأخيرة من صلاتي الجمع، وإن لم يلزم بإدراك وقت الأولى، لكن الأولى منهما قد يلزم بإدراك وقت الأخيرة، كما أنها تلزم بإدراك آخر وقتها.

مثاله: إذا أفاق المغمى عليه في أول وقت العصر قدر ما يسع للعصر، والظهر جميعاً لزمتاه، فإن كان مقيماً، فالمعتبر قدر ثماني ركعات، وإن كان مسافراً يقصر كفى قدر أربع ركعات، ويقاس المغرب والعشاء في جميع ما ذكرناه بالظهر والعصر والله الموفق.

قال الغزالي: الحَالَةُ الثَّالِثَةُ، أَنْ يَعُمَّ الْعُذْرُ جَمِيعَ الوَقْتِ فَيَسْقُطَ القَضَاءُ، وَلاَ تَلْتَحِقُ الرِّدَّةُ بِالكُفْرِ بَلْ يَجِبُ (م ح) القَضَاءُ عَلَى المُرْتَدِّ (م ح)، والصَّبِيُّ يُؤْمَرُ بِالصَّلاَةِ بَعْدَ سَبْعِ سِنِينٍ، ويُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهَا بَعْدَ الْعَشْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ علَيْهِ قَضَاءٌ، والإِغْمَاءُ فِي مَعْنَى الجُنُونِ (ح) قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَزَوَالُ الْعَقْلِ بِسُكْرِ أَوْ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ لاَ يُسْقِطُ القَضَاءَ، وَلَوْ سَكِرَ ثُمَّ جُنَّ فَلاَ يَقْضِي أَيَّامَ الجُنُونِ، وَلَوِ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ قَضَى أَيَّامَ الجُنُونِ، وَلَوِ ارْتَدَّتْ أَوْ سَكِرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ لاَ يَلْزَمُهَا قَضَاءُ أَيَّامِ الحَيْضِ، لِأَنَّ سُقُوطَ القَضَاءِ عَنِ المَجْنُونِ رُخْصَةٌ وَعَنِ الحَائِضِ عَزِيمَةٌ.

قال الرافعي: قوله: أن يعم العذر جميع الوقت فيه شيئان:

أحدهما: أنه فسر العذر قبل بما يسقط القضاء، والمراد ما إذا استغرق جميع الوقت كما تقدم فكأنه قال: إن يعم ما يسقط القضاء فيسقط، وغير هذا أجود منه، وليس في قولنا إذا وجد ما يسقط القضاء يسقط القضاء [وليس] في مثل هذا المقام كثير فائدة.

والثاني: أن قوله: "جميع الوقت" ليس المراد منه الأوقات المخصوصة بالصلوات وكيف وقد ذكرنا أنه إذا زالت الضرورة في آخر وقت العصر لزم الظهر أيضاً مع أنه عم العذر جميع وقت الظهر، فإذاً المراد منه وقت الرفاهية والضرورة جميعاً.

وغرض الفصل أن الأسباب المانعة من لزوم الصلاة -وقد عددناها من قبل- مسقطة للقضاء. أما الحيض فإنه يمنع وجوب الصلاة وجوازها، ويسقط القضاء على ما سبق في "كتاب الحيض".

<<  <  ج: ص:  >  >>