للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= والصحيح المختار تقديم السلام، فقد صحت فيه أحاديث صريحة، وإذا استأذن بدق الباب ونحوه، فقيل: من أنت، فليقل: فلان ابن فلان، أو فلان الفلاني، أو المعروف بكذا وما أشبهه بحيث يحصل تعريف تام، ويكره أن يقتصر على قوله: أنا، أو الخادم، أو المحب، أو نحو ذلك مما لا يعرف به، والحديث الصحيح في ذلك مشهور ولا بأس أن يصف نفسه بما يعرف به وإن تضمن تبجيلاً له إذا لم يعرفه المخاطب إلا به، بأن يكني نفسه، أو يقول: القاضي فلان، أو الشيخ فلان أو نحوه.
وأما قول الرافعي: إذا قال: أطال الله بقاءك إلى آخره، فيحتاج فيه إلى تتمات، فأما أطال الله بقاءك، فقد نص جماعة من السلف على كراهته، وأما حني الظهر فمكروه للحديث الصحيح في النهي عنه، ولا يغتر بكثرة من يفعله ممن ينسب إلى علم وصلاح.
وأما القيام، فالذي نختاره أنه مستحب لمن فيه فضيلة ظاهرة من علم أو صلاح أو ولادة أو ولاية مصحوبة بصيانة، ويكون على جهة البر والإكرام لا للرياء والإعظام، وعلى هذا استمر عمل الجمهور من السلف والخلف، وقد جمعت جزءاً في ذلك ضمنته أحاديث صحيحة وآثاراً وأفعال السلف وأقوالهم الدالة لما ذكرته، وأجبت عما خالفها، وأما الداخل فيحرم عليه أن يحب قيامهم له، ففي الحديث الحسن "من أحب أن يمثل له الناس قياماً، فليتبوأ مقعده من النار" وهذا ظاهر في التحريم، وقد روي بألفاظ أوضحتها مع معناه وما يتعلق به في جزء الترخيص في القيام، وأما قوله: لا يمنع الذمي من تعظيم المسلم بها، فلا نوافق عليه.
وأما تقبيل اليد، فإن كان لزهد صاحب اليد وصلاحه، أو علمه أو شرفه وصيانته ونحوه من الأمور الدينية، فمستحب، وإن كان لدنياه وثروته وشوكته ووجاهته ونحو ذلك، فمكروه شديد الكراهة، وقال المتولي: لا يجوز، وظاهره التحريم، وأما تقبيله خد ولده الصغير وبنته الصغيرة وسائر أطرافه على وجه الشفقة والرحمة واللطف ومحبة القرابة، فسنة، والأحاديث الصحيحة فيه كثيرة مشهورة، وكذا قبلة ولد صديقه وغيره من الأطفال الذين لا يشتهون على هذا الوجه، وأما التقبيل بشهوة فحرام بالاتفاق، وسواء في ذلك الوالد وغيره، بل النظر إليه بالشهوة حرام على الأجنبي والقريب بالاتفاق، ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح للتبرك.
وسن تقبيل وجه صاحبه إذا قدم من سفر ونحوه ومعانقته للحديث الصحيح فيهما، وأما المعانقة وتقبيل الوجه لغير القادم من سفر ونحوه، فمكروهان، صرح به البغوي وغيره للحديث الصحيح في النهي عنهما، وأما المصافحة، فسنة عند التلاقي، سواء فيها لحاضر والقادم من سفر، والأحاديث الصحيحة فيها كثيرة جدًا، وأما ما اعتاده الناس من المصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر، فلا أصل لتخصيصه، لكن لا بأس به، فإنه من جملة المصافحة، وقد حث الشرع على المصافحة، وجعله الشيخ الإِمام أبو محمد بن عبد السلام من البدع المباحة، ويستحب مع المصافحة البشاشة بالوجه والدعاء بالمغفرة وغيرها.
ويسن زيارة الصالحين والإخوان والجيران والأصدقاء والأقارب إكرامهم وبرهم وصلتهم، وضبط ذلك يختلف باختلاف أحوالهم ومراتبهم وفراغهم، وينبغي أن تكون زيارته على وجه يرتضونه وفي وقت لا يكرهونه، ويستحب أن يطلب من أخيه الصالح أن يزوره، وأن يكثر زيارته إذا لم يشق، وأما العاطس، فيسن له أن يقول: الحمد لله، وإن كان في صلاة قاله وأسمع نفسه، ولو قال: الحمد لله على كل حال، كان أفضل، ففيه حديث صحيح، ويسن بمن جاءه العطاس، =

<<  <  ج: ص:  >  >>