للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه من الإِجْحاف بالفقراء، حُكِيَ هذا عن القفال والشيخ أبي محمد.

والثاني: أنه إن كانت الإبل مراضاً أو قليلة القيمة لعيب بها فأخرج بعيراً منها جاز، وإن كانت قيمته أقل من قيمة الشاة أما إذا كانت صحاحاً سليمة لم يجز أن يخرج عنها بعيراً قليل القيمة. والفرق أنه في المراض لا يعتقد بأداء البعير تطوعاً وفي الصحاح يعتقد التَّطوع.

وأقل ما في التطوع أن لا ينقص عن الواجب، وهذا الوجه هو الذي أورده الصَّيْدَلاَني وحكى المنع فيما إذا كانت الإبل صحاحاً هو وغيره عن نص الشافعي -رضي الله عنه- وفي كلام الشيخ أبي محمد حمل ذلك النَّص على الاسْتحباب، وإذا قلنا بظاهر المذهب فأخرج بعيراً عن خمس من الإبل فهل يكون كله فرضاً أو يكون خمسة فرضاً والباقي تطوعاً؟ فيه وجهان شبههما الأئمة بالوجهين في المُتمتع إذا ذبح بُدْنة بدل الشَّاة هل تكون كلها فرضاً أو الفرض سبعها؟ وفيمن مسح جميع الرأس هل يقع الكل فرضاً أم لا؟ وجعلوا المصير إلى أن الكلَّ ليس بفرض، في مسألتي الاسْتِشْهاد أوجه؛ لأن الاقتصار على سبع بدنة في الهَدَايا، وعلى بعض الرأس في المسح جائز، ولا يجزئ هاهنا أخراج خمس بعير بالاتفاق وكذلك قال الإمام من يقول: الفرض مقدار الخمس يعني به، على شرط التَّبرع بالباقي ليزول عيب التَّشْقِيص، وذكر قوم منهم صاحب "التهذيب" أن الوجهين مبنيّان على أصل، وهو أن الشياة الواجبة في الإبل أصل بنفسها أم هي بدل عن الإبل؟ فيه وجهان:

أحدهما: أنها أصل جرياً على ظاهر النص.

والثاني: بدل لأن الأصل وجوب جنس المال؟ إلاَّ أن إيجاب بعير قبل كثرة الإبل يجحف بربِّ المال وإيجابُ شِقْص بعير ممَّا يشقُّ لما فيه من نقصان القيمة وعسر الانْتِفَاع، فعدل الشَّارع إلى الشَّاة ترفيهاً وإرفاقاً، فإن قلنا: الأصل هو الشاة، فإذا أخرج البعير كان كله فرضاً كالشاة، وإن قلنا: الأصل هو الإبل، فإذا أخرج بعير كان الواجب خمساً؛ لأنه يجزئ عن خمس وعشرين وحصّة كل خمس حينئذ خمسة.

ولو أخرج بعيراً عن عشر من الإبل أو عن خمس عشرة أو عشرين، هل يجزئه؟ فيه وجهان بنوهما على الخلاف الذي تقدم، إن قلنا: إذا أخرجه عن الخمس وقع الكلام فرضاً، وقام مقام شاة فلا يكفي في العشر بعير واحد، بل لا بد من بعيرين أو بعير وشاة، وفي الخمس عشرة من ثلاثة أَبْعرة أو بعيرين وشاة، أو شاتين وبعير، أو ثلاث شياة، وفي العشرين من أربعة، وإن قلنا: الفرض قدر خمسة فيجزئ ويكون متبرعاً في العشر بثلاثة أخماسه، وفي الخمس عشرة بخمسة وفي العشرين بخمسة، ولم يرتض الإمام هذا البناء، ومن وجوه الإشكال فيه أنه يقال: لم يلزم من كون كله فرضاً

<<  <  ج: ص:  >  >>